نعلم أن الحق سبحانه وتعالى قد عاتب سيدنا إبراهيم ، عندما جاءه ضيف فلم يكرمه سيدنا إبراهيم عندما علم أنه غير مؤمن ، فقال له المولى عزوجل ؛ أمن أجل ليلة تستقبله فيها تريد أن تغير دينه ، بينما أنا أرزقه طوال أربعين عامًا وهو كافر ؟ ، فما كان من سيدنا إبراهيم سوى أن ركض خلف الرجل ليلحق به .وصاح باسمه ، فاندهش الرجل من تصرفه وسأله عن أسباب تغير موقفه بهذا التغيير المفاجئ ؟ فقال سيدنا إبراهيم والله إن ربي عاتبني لأني صنعت معك ما صنعت ، فقال له الرجل أعاتبك ربي وأنت رسول وأنا كافر ، فنعم الرب ربُ يعاتب أحبابه في أعدائه ، فأسلم.هذا هو المعروف ، والحق علينا أن ننتبه له خاصة فيما يتعلق بالمعاملة بين كل من الزوجين ، فهي تحمي بيوت المسلمين من الخراب ، فإذا لم تُبن البيوت على المحبة والمودة ، وثالثهما العتاب لتجاوز الأزمات لخُرب البيت.ولذلك عندما جاء أحد الرجال إلى سيدنا عمر رضي الله عنه ، وقال له يا أمير المؤمنين ، أنا كاره لامرأتي وأريد تطليقها ، فقال له سيدنا عمر ؛ أولم تبنى البيوت إلا على الحب ، فأين القيم ؟ فقد ظن الرجل أن زوجته سوف تظل طوال العمر خاطفة لقلبه ، فقال سيدنا عمر الفاروق بأن تلك المسألة هي ما وُجدت أولاً ، ولكن بعد ذلك تنبت الأسرة أشياء أخرى ، تربط المرأة بالرجل وتربط الرجل بالمرأة .لذلك يقول الحق عزوجل : وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا ، فإن كرهتها في زاوية ما ، وقد تكون تلك الزاوية هي ما يحسن من زوايا أخرى ، بمعنى ؛ لكي تعوض بإحسانها في الزوايا الأخرى نجد هذه الزاوية بها انتقاص ، فلا تبن المسألة على أنك تريد غانية فقط ، تثير فيك الغرائز عندما تكون هادئًا.فالمرأة مصرف طبيعي إن هاجت غرائزك بطبيعتها ، فوجدت في الحلال مصرفك ، أما أن ترى في المرأة أنها ملهبة للغرائز فمعنى ذلك أنك ترى فيها غانية فقط ، ولا يجب أن تنتقي امرأتك وفقًا لزاوية الغريزة فقط .وتكمن العظة في تلك القصة ، بأن الله قد وزع أسباب فضله على خلقه ، هذه أعطاها جمالاً ، وتلك منحها عقلاً ، وأخرى مُنحت حكمة ، وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تمثّل زوايا مختلفة تكوّن شخصية المرأة المسلمة الصالحة من أمانة ، ووفاء ، وفلاح ، وصدق .. إلخ.فإذا كنت تريد أن تكون منصفًا حكيمًا فخذ المرأة من كافة الزوايا ، وليس من زاوية الغريزة فقط فتلك الزاوية لا تصلح لتقدير المرأة ؛ فانظر إلى قول المولى عزوجل في كتابه الكريم وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا ؛ فأنت تكره وقد تكون محقًا في عدم محبتك تلك ، أو غير محق ، فأنت إنما كرهت شيئًا يقول لك الله عنه ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا ، فاطمئن إنك أن كرهت في المرأة شيئًا لا يتعلق بدينها ، فاعلم أنك سوف تؤجر على صبرك هذا وسوف يجعل الله لك خيرًا في أمور أخرى.فالحق عزوجل هنا يطلق القضية في بناء الأسرة ثم يعمم ، فكان من الممكن أن يقل فعسى أن تكرهوهن ويجعل الله فيهن خيرًا كثيرًا ، ولكن شاء العلي العظيم أن يجعلها قضية عامة في كل شيء قد تكرهه ، وتأتي الأحداث على المرء ليتبين صدق كلام المولى عزوجل ، فكم من أشياء كرهها الإنسان ثم وجد فيها وجه الخير ، وكم من أشياء أحبها الإنسان ثم ظهر له وجه الشر فيها ، وهذا ليدلك على أن حكم الإنسان على الأشياء دائمًا غير دقيق.