من أشهر الشخصيات في ذاكرة التاريخ الإسلامي ارتبط اسمه بكثير من الظلم والتجبر والطغيان ، وعُرف عنه غلظة القلب وسفك الدماء والوحشية حتى قيل إنه طاغية عصره بلا منازع ، قصتنا اليوم عن أحد أشهر شخصيات الدولة الأموية والذي كان سببًا مباشرًا في تثبيت قواعد حكمها وإخماد الثورات بأي طريقة كانت بعض النظر عن حرمة أو قدسية الأماكن التي يحارب فيها.نشأته :
كانت حياته طبيعية جدًا في صباه فقد تعلم القرآن الكريم وحديث رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، كما تعلم العربية وعلومها وعمل في بداية حياته بالتعليم فعّلم الصبيان القرآن ، فقد اشتهر عنه تعظيمه للقرآن الكريم ، كان فصيحًا بليغًا له الكثير من الأشعار المنتشرة في كتب التاريخ والسير وله حكم وخطب وتوقيعات معروفة ومشهورة جدًا باقية إلى اليوم مما يدل على عظم نفوذه وتأثيره البالغ .ولاية الحجاج على الحجاز ثم العراق :
كان شديد المكر والدهاء والقدرة على القيادة والإدارة تمرد على وضعه في تعليم الصبيان ، وانتقل إلى الحجاز واستطاع أن يظهر تفردًا وتميزًا حتى ولاه الخليفة الحجاز ، وكان الخليفة في حاجة شخص مثله للقضاء على خصومه والمعارضين ، والقضاء على الفتن والثورات المتوالية ، وخاصة بعد ثورة الناس عليه في الحجاز عزله الخليفة وجعله على العراق.قتل الحجاج للعلماء والصحابة :
يذكر المؤرخون عددًا هائلًا من البشر الذين قتلهم ، وقد أنذرته ابنة الصديق بسوء الخاتمة وأخبرته بقول رسول الله صلّ الله عليه وسلم بخروج مفسد من أرض ثقيف ، فقالت له إنه هو هذا المفسد ، ولكنه لم يعر كلامها انتباهًا بل وسخر منها.وهو قاتل أعظم التابعين منهم سعيد بن جبير وهو من هو علمًا ، فقد قيل عنه أن قُتل وكل من في الأرض محتاجًا لعلمه ، وهو كذلك قاتل ابن حواري رسول الله صل الله عليه وسلم. وهو قاتل حفيد أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين ، وقد ظهرت كثيرًا من علامات سوء الخاتمة لهذا الطاغية.من آراء الناس فيه:
اختلف الناس في شخصيته فله حسنات في بحر من الذنوب فعلى الرغم من ظلمه وسفكه الدماء ، إلا أنه كان حسن العبادة وشديد التعظيم للقرآن الكريم وأهله ، وكان ذا شجاعة وإقدام ، واشتركت جيوشه في حروب كثيرة لتوسيع حدود الدولة الإسلامية حتى وصلت حدود الصين وبلاد السند .لم يختلف المؤخرون في كونه جبارًا متكبرًا ، ومع كل ذلك فقد عرف عنه تعظيم حرمات الله فلم يأتِ عليه مثلا التعرض للنساء ، واختلف العلماء أيما اختلاف أيرحمه الله ويغفر له أم يعذبه عذابًا شديدًا ؟! ، وقد رأى الحسن البصري في المنام أنه رأى الحجاج وسأله عن حاله فقال له أن يقتل عدد ما قتل من البشر .فرحة الحسن البصري بوفاة الحجاج :
ذُكر أن البصري سجد شكرًا لله عند عندما سمع خبر الوفاة ، وقد كانت وفاته إثر مرض ألم به يقال إنه مرض سرطان المعدة ، ومما روي من أخبار موته أنه بعدما قتل الصحابي الجليل سعيد بن جبير أصابته حالات من الرعب والفزع ، فكان يصرخ كل ليلة لائمًا نفسه على قتل هذا التابعي الجليل وكان من دعوات سعيد رضي الله عنه ألا يسلط الله هذا الطاغية على أحد غيره ، وبالفعل لم يبق على الأرض سوى أيام معدودات فقد أصابته دعوة سعيد ، وتوفي في العشر الأواخر من شهر رمضان عام عام 95 للهجرة .وعند وفاته قال كلمات فيها إظهار الإيمان برحمة الله التي وسعت كل شيء ، وأظهر جلدًا شديدًا عند الموت وعندما طلب منه أن يتوب أبى وقال إنها لحظة لا ينفع فيها الندم أو التوبة ، كما ترك وصية شهد فيها أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ودفن في مدينة واسط وقد جزع الخليفة على وفاته جزعًا شديدًا فهو أحد أهم ركائز الدولة الأموية ، ودفن في قبر مجهول المكان تحديدًا وكل ما نعرفه أنه في مدينة واسط.