يزخر الإسلام بالعديد من قصص ومواقف الصحابة والتابعين ، والتي تعد منهجا للمسلم وطريقًا يسير فيه ، وقد كان الرسول صلّ الله عليه وسلم يشيد بمواقف صحابته ، ويدعونا لإتباعهم ، كما يدعينا الإسلام أن نكون على هدي المتقين منهم.وفي هذه القصة موقف غريب حدث مع الشيخ الجليل أحمد بن حنبل صاحب مذهب الحنابلة ، والذي عرف عنه البساطة والورع ، وكان له دور كبير في فهم القرآن والسنة.الإمام على باب المسجد :
وقد وقعت هذه القصة حينما كان الإمام بن حنبل يرغب في قضاء ليلته في المسجد ، ولكن منعه عن المبيت فيه حارس المسجد الذي كان على بابه ، حاول معه الإمام كثيرًا ولكن دون جدوى ، ظل الحارس على موقفه ، فقال له الإمام : سأنام في موضع قدمي ، وبالفعل نفذ الإمام ما قال ، ونام بالمكان الذي به موضع قدمه .الخباز يستضيف الشيخ الوقور :
فما كان من حارس المسجد إلا أن قام بجره بعيدًا عن مكان المسجد ، وكان الإمام حينها شيخًا وقورًا تبدو عليه ملامح الكبر ، وأمارات التقدم في العمر ، فلما رآه الخباز يجر بهذه الطريقة ، تضايق لأمره ، وعرض عليه المبيت في بيته تلك الليلة ، فوافق الإمام أحمد بن حنبل وذهب مع الخباز إلى داره ، فأكرمه وأحسن ضيافته .ماذا كان يفعل الخباز بالليل :
وذهب لتحضير عجينة يصنع منها الخبز ، وبينما هو يعمل سمعه الإمام يستغفر ويستغفر لعدة مرات كثيرة ، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال ، فتعجب منه الإمام ابن حنبل ، وأعجب به كثيرًا ، ولما طلع الصباح سأله عن سر استغفاره في الليل .فأجابه الخباز قائلًا أنه يستغفر الله دائمًا طوال صنع العجين ، فسأله الإمام : وهل وجدت لاستغفارك ثمرة ، وقد كان الإمام رجلًا عالمًا يعرف ثمرات الاستغفار جيدًا وفوائده الكثيرة.دعوة الخباز التي لم تمت في حضرة الإمام :
فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت الله دعوة إلا أجابها ، إلا دعوة واحدة طلبتها ، ولم تأتي . ، فقال له الإمام أحمد بن حنبل : وما هي ؟ ، فقال الخباز : رؤية الإمام أحمد بن حنبل ! ، فقال الإمام أحمد : إنني أنا أحمد بن حنبل ، والله إني جررت إليك جرًا .ولعل تلك القصة من أغرب وأعجب القصص عن عظمة الاستغفار ، وفوائده العديدة ، فالله ينادي عباده دائمًا : أما من مستغفر فأغفر له ؟ أما من تائب فأتوب عليه ؟ ، فسبحان الغفار التواب الذي جعل بيننا وبينه بابًا مفتوحًا طوال الوقت .بابا نطرقه إذا أردنا اللقاء ، بابا نطرقه إذا ضللنا الطريق ، بابا لا يغلق أبدا طالما نحن على دينه الحنيف ، فالحمد لله على نعمة الاستغفار هذه النعمة العظيمة ؛ التي جعلها الله رحمة لنا وملجأ في كل حين.