قال الله تعالى : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) } صدق الله العظيم .نسبها :
هي مريم ابنة عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن موثم بن عزازيا بن أمصيا بن ياوش بن أحريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إيشا بن إيان بن رحبعام بن داود.مولدها :
ذكر بن إسحاق ، كانت أن أم مريم كانت لا تحبل فرأت في يومًا طائرًا يحمل فرخا له ، فاشتهت الولد ، فدعت الله ونذرت إن رزقها الله بولد أن تتركه في بيت المقدس ، وكانوا في هذا الزمان ينذروا ولدًا من أولادهم لخدمة بيت المقدس .فلما وضعت زوجة عمران بنتًا فأسمتها مريم ونذرتها لبيت المقدس وقالت : أني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فاستجاب الله تعالى لأم مريم ، وقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام : كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بإصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى عليهما السلام .نشأتها:
فلما أرضعتها أمها ، أخذتها إلى عباد بيت المقدس لتنشأ هناك ، وكان سيدنا زكريا هو نبي هذا الزمان وكانت زوجته خالتها ، فأراد أن يكفلها لكن العباد رفضوا ، وأراد كل واحد منهم أن يكفلها ، فطلبوا أن يقترعوا ، وألقوا أقلامهم في النهر ، فسار قلم زكريا عكس جريان الماء ، فأعادوا القرعة ثلاثة مرات وفي كل مرة سيدنا زكريا هو الغالب .واتخذ سيدنا زكريا عليه السلام لمريم مكانًا شريفًا في المسجد ، لا يدخله سواها ، فكانت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من خدمة المسجد ، وتقوم بالعبادة ليلًا ونهارًا ، وكان سيدنا زكريا عليه السلام كلما دخل عندها المحراب ، وجد فاكهة في غير أوانها ، فسألها من أين لك هذ يا مريم فقالت : هو من عند الله رزقنيه ، وهناك دعا سيدنا زكريا ربه قائلًا : يا من يرزق مريم الثمر في غير أوانه هب لي ولدًا ولو كان في غير أوانه .بشرت الملائكة السيدة مريم أن الله اصطفاها من بين نساء العالم ، لتضع ولدًا من غير أب ويكون نبيًا شريفًا ، وعرفت السيدة مريم أنها ستواجه محنة عظيمة ، لأن الناس لا يعلمون حقيقة الأمر .لما ظهرت على السيدة مريم علامات الحمل ، عرف بذلك ابن خالها وكان من العباد ويدعى يوسف بن يعقوب النجار ، فلما سألها ، فقالت له إن الله خلق آدم من غير أب ولا أم وأنه بشرني بغلام نبيًا .فلما جاءها المخاض ذهبت إلى مكان بعيد ، وجلست بجوار جذع وتمنت لو أنها ماتت قبل هذا اليوم ، أو أنها لم تخلق ، فناداها مولدوها عيسى عليه السلام ، وقال لها لا تحزني ، وطلب منها أن تهز جذع الشجرة فسقط عليها البلح ، فأكلت منه .وطلب منها عيسى عليه السلام وهو في المهد أن تعود لأهلها فإن رأت أحدًا ، تشير إليهم أنها نذرت ألا تكلم أحدًا ، وتشير إلى المهد ، لما عادت السيدة مريم لقومها ، رموها بالزنا واتهموها في يوسف النجار ، فلما أشارت إلى المهد تعجبوا من فعلتها واعتبروا هذا استهزاءا بهم .وعندها تكلم الطفل المولود وقال لهم {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)} سورة مريم.وبذلك برأها الله عز وجل أمامهم ، ولكنهم لم يكفوا عن إيذائها هي ونبي الله عيسى عليه السلام .