يُعد القمح مصدرًا غذائيًا هامًا لكل الشعوب ؛ لذلك فإن تخزينه من العام إلى العام يتطلب حرص ودراية بطرق حمايته لكي لا يفسد ؛ وخاصة إن طالت عدد سنوات التخزين لظروف معينة ؛ فالوضع قد يختلف لأنه يحتاج المزيد من الحرص والمعرفة .لقد أشار القرآن الكريم في سورة يوسف عن الطريقة الصحيحة لتخزين القمح لسنوات متتالية ؛ فورد في الكتاب العزيز قوله تعالى “يوسف أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ” وقوله تعالى في رد سيدنا يوسف “قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ”وما هو مذكور في الآيات الكريمة لقصة سيدنا يوسف الشهيرة حينما فسرّ رؤية الملك حينما كان في السجن وأخبره أن هناك سبع سنين في فقر بلا زراعة يأتون بعد سبع آخرين مزدهرين ؛ لذلك طلب منهم أن يخزنوا القمح بسنابله منعًا لحدوث مجاعة في السبع العجاف .أكدت الدراسات أن تخزين القمح بسنابله هو الطريقة الصحيحة والأساسية للحفاظ عليه ، قام الدكتور عبد المجيد بالابيد لجامعة الرباط في المغرب بعمل أبحاث ودراسات حول القمح الذي يُخزن في سنابله .أوضحت النتائج الأولية للدراسة أن القمح المخزن في سنابله لا يتغير ويبقى متاح للاستخدام الصحي بنسبة 100% ؛ على الرغم من تغير درجات الحرارة والرطوبة داخل المخزن الذي يُوضع بداخله القمح .وجد العلماء أيضًا أن القمح الذي يُترك في سنبله يفقد كمية كبيرة من الماء ويصبح أكثر جفافًا من القمح الذي يخرج من سنبله ؛ حيث وُجدت كمية من الماء تعادل 20.3% من وزن القمح الذي خرج من سنابله ؛ وذلك يؤثر بشكل سلبي على قدرة نمو ذلك القمح الموجود به ماء بعد زراعته ؛ لأن الماء يجعله أكثر ضعفًا وقابلية للتعفن والأمراض .قام الباحثون بعمل التجربة العملية في زراعة نوعي القمح ؛ المُخزن بسنابله والذي خرج منها ؛ فاكتشفوا أن معدلات نمو القمح الموجود بسنابله أفضل من نمو ذلك الذي خرج من سنابله ؛ كما قاموا بقياس نسبة البروتين ومعدلات السكر ؛ فوجدوا أن القمح الخارج عن سنابله قد فقد 20% من معدلاتها بعد عام واحد ، وبعد عامين اكتشفوا أنها فقدت 32% ؛ بينما لم يفقد القمح الموجود بسنابله أي شيء .تم اكتشاف حقيقة تخزين حبوب القمح والطريقة الصحيحة في وقت حديث ؛ بعد عدة أبحاث ودراسات من العلماء ؛ بينما ذكرت في القرآن الكريم منذ قرون ؛ وبذلك فإن طريقة تخزين القمح في سنابله تُعد من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم .