قصة بيعة الرضوان

منذ #قصص دينية

لما غلب الشوق رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ومن معه للاعتمار بمكة المكرمة ، خرج هو وزوجه أم سلمه وألف وخمسمائة معتمر في العام السادس من الهجرة ، وكلهم شوق لزيارة بيت الله الحرام ، وهو الأمر الذي أزعج القرشيون وجعلهم يقررون منع الرسول صلّ الله عليه وسلم ومن في ركابه من دخول مكة .ووصل الأمر إلى مسامع رسول الله لكنه لم يرتجع ، وقال لمن أبلغه : ما جئنا للقتال ولكن جئنا معتمرين ، وواصل الرسول سيره إلى مكة حتى صار بالحديبية على بعد 9 أميال منها ، ورأى الرسول أن يرسل نفر ممن معه ليتفاوضوا مع قريش على الدخول ، لأن الرسول صلّ الله عليه وسلم عزم ألا يعود أدراجه إلى بعد أن يطفئ شوقه لله .فأختار في البداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكنه رشح عثمان بن عفان عوضًا عنه لأن كان يخشى من فرط كرهه لقريش ألا يصل معهم لحل ، فنزل الرسول صلّ الله عليه وسلم على رغبة بن الخطاب وأرسل عثمان رضي الله عنه .ولما دخل الصحابي الجليل رضي الله عنه مكة يفاوضهم على دخول المسلمين لأداء مناسك العمرة ، قالوا له : إن أردت أن تطف أنت بالكعبة فطف ، فقال والله ما أطوف بها إلا بعد طوف رسول الله .وظل عثمان بن عفان محتجزًا بمكة ثلاثة أيام ريثما تتخذ قريشًا أي موقف ، فلما طالت غيبة بن عفان شاع بين المسلمين نبأ مقتله ، وعلى الفور قال الرسول الكريم لن نبرح حتى نناجز القوم ، وقرر ومن معه محاربة قريش جزاءً لفعلتها ، وأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ينادي في المسلمين لعقد بيعة على ذلك .وكانت بيعة الرضوان أعظم بيعة عرفها التاريخ التي هب فيها المسلمين على قلب رجل واحد للاتفاق على محاربة قريش حتى أخر نفس ، رغم أنهم كان عزل لا يحملون من السلاح إلا ما يحمل المسافر ، وقد بايع فيها كل المسلمون رسول الله صلّ الله عليه وسلم على عدم الفرار ، فإما النصر وإما الشهادة ، كلهم بايعوا عدا الجد بن قيس والذي ظهر نفاقه ، بينما باقي المسلمون لم يفكروا لا في مال ولا زوجة ولا ولد .ووهبوا أنفسهم لله رب العالمين ، وضمن من بايعوا كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأم سلمه ، ومن الصحابة من بايع أكثر من مرة كسلمه بن الأكوع الذي بايع الرسول ثلاث مرات ، وعثمان بن عفان الذي بايع عنه الرسول فوضع يده وقال اللهم هذه عن عثمان .وقد سميت بيعة الرضوان بهذا الاسم لأن الله سبحانه وتعالى أنزل في كتابه أن رضي عمن قاموا بها حين قال : (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا 

سورة الفتح ، الآية 18) .كما تعرف أيضًا ببيعة الشجرة لأنها تمت تحت شجرة بالحديبية ، وكانت تلك البيعة سببًا من أسباب الصلح ، فلما علمت بها قريش اصطكت أسنانها ودب الرعب في قلبها ، وأشار عليها أهل الرأي بالصلح مع الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وقد كانت تلك البيعة أعظم اختبار للمسلمين .ظهر فيه تكاتفهم كرجل واحد وثباتهم على نصرة الله ورسوله حتى الموت ، فاجتمعوا كلهم على كلمة التوحيد غير عابئين بالموت المحقق ، الأمر الذي قلب الأمور رأسًا على عقب وجعل قريشًا تعيد ترتيب أوراقها وتغير موقفها خوفًا من رسول الله ومن معه ، ويرضخون للصلح الذي يسمح للمسلمين بدخول مكة والاعتمار والحج فيها في العام التالي .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك