هي السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها وهي زوجة من زوجات الرسول صلّ الله عليه وسلم ، عرفت بكثرة التسبيح وحرصها على العبادات وكانت فاعلة للخير .نسبها :
كان اسمها برة وكانت ابنة للصحابي الجليل الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن المصطلق بن سعيد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن خزاعة ، وقد كان ابيها سيد بني المصطلق .ولدت السيدة جويرية قبل البعثة بثلاثة أعوام ، وتزوجت من ابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر والذي توفى في غزوة بني المصطلق ، وفي هذه الغزوة أخذت جويرية من ضمن السبيا ووقعت في سهم لثابت بن قيس بن الشماس ، وكانت جميلة ولا يراها أحد إلا وأثرت في نفسه .ذهبت السيدة جويرية إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وقتها وقالت له : يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك استعينك على كتابتي ، فقال لها رسول الله صّل الله عليه وسلم : فهل لك في خير من ذلك ، فقالت : وما هو يا رسول الله ، فقال : أقضي عنك كتابتك وأتزوجك ، فقالت : نعم يا رسول الله ، فقال : لقد فعلت .وبعدها انتشر الخبر وسط الجميع أن رسول الله صّل الله عليه وسلم تزوج من السيدة جويرية وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : لقد أعتق بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها .وقد حاول والدها فداء إبنته بإثنين من البعير التي كانت بالعقيق ، ومن ثم ذهب إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وقال له : يا محمد أصبتم ابنتي ، وهذا فداؤها ، فقال له الرسول صّل الله عليه وسلم : فأين البعيران اللذان غَيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا ، فقال الحارث : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فوالله ما اطّلع على ذلك إلا الله ، وبذلك الموقف أسلم الحارث ومعه أثنين من أبنائه وبعض من قومه .عاشت أم المؤمنين السيدة جويرية رضي الله عنها في بيت النبوة مع رسولنا الكريم صّل الله عليه وسلم وقد كانت السيدة جويرية هي خير مثال يضرب للمرأة الصالحة التي ترعى بيتها وزوجها وتحسن عشرتها معه ، وقد تزوجها الرسول صّل الله عليه سلم وهي في عمر العشرين .عُرف عن السيدة جويرية اجتهادها في العبادات وكثرة ذكرها لله تعالى وكانت حريصة على تعاليم الدين ومعرفة امور دينها ، كما أن الرسول كان شديد الحرص في تعليمها أمور الدين أيضًا ، ففي يوم من الأيام دخل عليها الرسول صّل الله عليه وسلم في يوم الجمعة وكانت صائمة هذا اليوم ، وقال لها : أصمت أمس ، فقالت له : لا ، فقال لها أتريدين أن تصومين غدًا ، فقالت له لا ، فقال لها : فأفطري لكراهة ذلك .وفي يومًا من الأيام خرج رسول الله صّل الله عليه وسلم من عندها وقت صلاة الفجر وهي في مسجدها وبعدما عاد وجدها مازالت كما هي جالسة ، فقال لها : مازلت على الحال التي فارقتك عليها ، فقالت نعم ، فقال لها النبي صّل الله عليه وسلم : لقد قُلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مراتً ، لو وزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوَزَنتهنّ : سبحان الله وبحمده عدَدَ خَلْقِه ورضا نفسه ، وزِنة عرشه ، ومِداد كلماته .وقد توفت السيدة جويرية رضي الله عنها عن عمر يناهز الـ 70 عامًا في المدينة المنورة ، عام 56 للهجرة ، وصلى عليها أمير المدينة وقتها وهو مروان بن الحكم .