قصة إسلام أبو طلحة الأنصاري

منذ #قصص دينية

مع كل قصة من قصص الصحابة فإننا نعيش فيها مع واحد من هؤلاء الأتقياء ، والذين ربَّاهم الحبيب صلَّ الله عليه وسلم على العقيدة الراسخة ، والإيمان الذي لا تزعزعه الجبال ، وكأننا نطير فوق السحاب ، ونلامس الكواكب بمجرد أن نتعايش مع صفحة مضيئة من حياتهم .ولذلك قال الحبيب صلَّ الله عليه وسلم : الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، وها نحن نعيش بل ونتعايش مع رجل أسلم لله جلَّ وعلا ، وكان إسلامه مهرًا لامرأة من نساء أهل الجنة .إنه من صحابة الرسول الكريم عليه الصلاة وأفضل السلام ، وعُرِفَ عنه أنه من النقباء الاثنى عشر ليلة العقبة ، ومن بني أخوال النبي صلَّ الله عليه وسلم ، ومن أعيان بدر رضي الله عنهم جميعًا .قصة إسلامه وزواجه من أم سليم :
أسلمت أم سليم رضي الله عنها ، وكانت حينها متزوجة من مالك والد أنس ، والذي كان ما زال كافرًا ، وذات مرة سمعها تردد الشهادة بقوة وبعزيمتها التي كانت معروفة أنها أقوى من الصخر ، فعندها خرج من منزله غاضبًا ، فلقيه عدوٌ له ؛ فقتله .ولما علمت بمقتل زوجها احتسبت وقررت عدم فطم الغلام في ذلك الوقت حتى أنها قالت : لا أتزوج حتى يؤمرني أنس ، وذهبت إلى الرسول صلَّ الله عليه وسلم وعرضت عليه على استحياء أن يكون ابنها خادم عنده فرحب النبي صلَّ الله عليه وسلم مما أسعدها كثيرًا .انطلق الناس يتحدثون بما كان من المرأة وابنها بكل اعجاب وتقدير ، ولمَّا بلغ ذلك الصحابي الكريم ولم يكن أسلم بعد ؛ قرر أن يتقدم للزواج منها ، وعرض عليه مهرًا غاليًا ؛ فكانت المفاجأة الكُبرى له حين عَلِمَ بالرفض !!عُقِدَ لسانه عندما عَلِمَ بالرفض ولكنه لم ييأس فقَدِمَ لها في اليوم التالي وهو يُمنَّيها بمهر أكبر وعيشة رغيدة ؛ عساها تلين وتقبل ، لكنها كانت تعلم أن قلعة الإسلام في قلبها أقوى من كل نعيم الدنيا .بدأت الداعية الذكية في الشرح له أنه لا يُشرَع لها الزواج من رجل كافر ، وأن مثله لا يُرد ، ولكن الإسلام حرَّم زواج المسلمة من الكافر ، وعرضت عليه أن يكون إسلامه هو مهرها ولا تسأله غيره.انطلقت هذه الكلمات تهز أعماقه حتى ملأت كيانه ؛ فهي ليست المرأة اللعوب التي قد تنهار أمام مغريات الدنيا ، وإنما تعمل على فرض وجودها بقوة عقلها ، وهل هناك خيرٌ منها لتكون زوجةً له ، وبعدها أمًا لأولاده ؟ إنه الآن أمام امرأة تمكنت من قلبه تمامًا.ألقى الله حب الإسلام في هذا القلب الذي أحس بعظمته التي تجعل تلك المرأة لا تغريها الدنيا وزينتها بل تستعلي عليها بإيمانها ، وفي الحال ذهب الصحابي الجليل إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم ، وأعلن إسلامه ، وتزوج بعدها بمن كان مهرها الإسلام !ومنذ هذه الليلة عاش الصحابي رضي الله عنه في رحاب ونور الوحي وخالط الإيمان شغاف قلبه ، حتى شعر أنه أسعد أهل الأرض ولم لا ؟! وهو يعيش في جنة الدنيا بإيمانه ، وتعيش في بيته امرأة من أهل الجنة .شاء الله عزَّوجل أن يُمتحن الزوجان فيما رزقهما جلَّ جلاله من الولد ، حيث مرض ابنهما مرضًا شديدًا ، وبعدها توفاه الله ؛ فتلقت المرأة المؤمنة موت ابنها بصبر ، وثبات ، ورضا بقضاء الله ، وقالت : الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم بدأت في تهيئة الأمر لزوجها فتلقاه بصبر واحتسب الزوجان أجرهما عند الله تعالى .يقول فيه الرسول صلَّ الله عليه وسلم أن صوته في الجيش خير من ألف رجل ، وكان من الأبطال الذين ثبتوا مع رسول الله يوم أحد ، ودافع عنه بكل ما يملك ، فكان إذا رمى رفع رسول الله بصره ينظر أين وقع السهم ، وشهد أيضًا مع الرسول صلَّ الله عليه وسلم ، وقتل عشرين رجلًا .كان كريمًا لا يضن ، ولا يبخل بالمال أبدًا ، وعندما نزل قول الله تعالى لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ 92 آل عمران ؛ تصدق الصحابي الجليل بأحب أمواله وأملاكه لله تعالى ووهبها في سبيله .ظفر بحفنة من شعر النبي صلَّ الله عليه وسلم ، فبعد أن رمى الرسول صلَّ الله عليه وسلم جمرة العقبة ، ونحر البُدن ، حلق شق شعره الأيمن فقسمه فيمن يليه ، ثم حلق الشق الأيسر وأهداه له .عاش حياته رضي الله عنه عابدًا قائمًا مجاهدًا في سبيل الله فكان لا يفطر إلا في فطر أو أضحى أو مرض ، ولكنه في آخر أيامه حالت شيخوخته بينه وبين الجهاد في سبيل الله ولكنه أصر أن يجهزه أبناؤه للجهاد حين سمع قول الحق سبحانه وتعالى : { انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ، 41 سورة التوبة .فما إن ركب البحر حتى مات فتم دفنه بعيدًا عن الأهل ، والعشيرة ، والأصحاب ، ولكنه ليس ببعيد عن عين الله سبحانه وتعالى الذي سأجزيه عن صبره يوم القيامة في جنات النعيم مع النبي الأمين وصحابته الكِرام .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك