البراء بن مالك رضي الله عنه هو أخو الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه وكان ممن شهدوا غزوة أحد وما بعدها من غزوات للرسول صّل الله عليه وسلم ، وقد عاش حياته في سبيل الله وكل ما كان يتمناه أنه يتوفاه الله شهيدًا .نسبة :
هو البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ، ويرجع أصله إلى قبيلة الخزرج الأزدية ، وجاء مولده في يثرب وأمه اسمها أم سليم بنت ملحان .اشتهر البراء بن مالك بصوته العذب الجميل ، وقد دخل عليه أخوه أنس بن مالك في مرة من المرات وهو يتغنى بالشعر فقال له : يا أخي ، تتغنى بالشعر ، وقد أبدلك الله به ما هو خير منه القرآن ، فرد عليه البراء : أتخاف عليَّ أن أموت على فراشي ، لا والله ، ما كان الله ليحرمني الشهادة في سبيله ، وقد قتلت مائة بمفردي سوى من شاركت في قتله .وقد قام البراء بالمشاركة في العديد من حروب الردة وأظهر فيها البسالة والشجاعة المطلقة حتى أنه أبهر كل من رآه ، حتى في يوم اليمامة ، كان القائد هو خالد بن الوليد ، وقد أمر جيوش المسلمين بالزحف لمواجهه المرتدين ، وانطلقت جيوش المسلمين في وسط صيحات التكبير ومن بينهم البراء بن مالك .كانت المواجهه مع مسيلمة الكذاب وجيشه الذي كان أخطر جيوش الردة وأكثرهم عددًا ، وأخذ القتلة يتساقطون واحد وراء الأخر ولكن المعركة تحولت من مقاومة من جيوش الردة إلى هجوم وبدأ الخوف يملأ نفوس المسلمين ولكن خالد بن الوليد أسرع إلى البراء بن مالك ، وطلب منه أن يتكلم فصاح البراء في جيوش المسلمين مشجعًا لهم على مواصلة القتال وقال : يا أهل المدينة ، لا مدينة لكم اليوم، إنما هو الله وحده والجنة ، وأندفع الجيش الإسلامي نحو الاعداء وقاتلو قتالًا شديدًا حتى فازت جيوش المسلمين وتقهقر المرتدون للخلف هاربين .وقد قام البراء بن مالك رضي الله عنه بعد ذلك بالمشاركة في حروب المسلمين ضد الفرس وفي مرة من المرات لجأ الفرس إلى حيلة جديدة في القتال وهي أن يستخدموا كلاليب من الحديد وفي طرفها سلاسل محماة بالنار ويقومون بإلقائها من الحصون وتنال ما تناله من المسلمين .وسقطت واحدة من هذه الكلاليب على أنس بن مالك ولم يستطع أن يخلص نفسه منها ، فذهب إليه البراء وأمسكها بيده وحاول أن يجرها إلى الأسفل حتى تأذت يديه وذاب اللحم وظهر العظم في قبضته .ظل البراء بن مالك رضي الله عنه يقاتل في سبيل الله معركة بعد الأخرى وفي كل مرة يتمنى أن ينال الشهادة حتى جاء موعده في معركة تستر مع الفرس ، حيث أحتشد جيش الفرس بأعداد كثيفة ، والتقت جيوش المسلمين بجيوش الفرس في معركة كبيرة وكان البراء من بين صفوف المسلمين .وكاد المسلمين أن يهزموا ، فاقترب بعض الصحابة من البراء بن مالك وقالوا له : يا براء ، أتذكر يوم أن قال الرسول عنك : كم من أشعث أغبر ذى طمرين ، لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره ، منهم البراء بن مالك ، وطلبوا منه أن يدعوا الله لهم فرفع يديه للسماء ودعا قائلًا : اللهم امنحنا أكتافهم ، اللهم اهزمهم ، وانصرنا عليهم ، اللهم ألحقني بنبيك .وانطلق البراء وركب فرسه وهجم على الفرس وأخذ يقاتل هو ومن معه من جيوش المسلمين واستشهد في هذه المعركة بعد رحلة جهاده الطويلة التي قدم فيها كل ما يملكه في سبيل الإسلام ، وقد كانت وفاته عام 20 هجريًا في زمن خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .