أجمع عدد من المفسرين والمؤرخين وكتاب السير أن رجل صالح من رجال بني إسرائيل هو المقصود من الآية الكريمة {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} سورة البقرة 259.قالوا أنه رجل صالح أو نبي من أنبياء بني إسرائيل خرج بحماره ومعه عنبُ ولحم كان هذا طعامه بالسفر ، فمر وهو في طريقه على قرية قريبة من بيت لحم في فلسطين فوقف على القرية ، وكان قد رأي القرية من قبل وهي بها حياة ناطقة فإذا بها ميتة وخامدة تمامًا لا يوجد فيها حيوان ولا بشر ولا أشجار ولا طيور كانت خاوية على عروشها ، حيث تهدمت منازلها ، فأخذ الرجل كفًا بكف ، وقال أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ، أي كيف يحيي الله تلك الأرض وكيف يعيدها أين البشر وأين الأحياء.فأراد الله تعالى أن يجري عليه عملية الإحياء ، فآماته الله تعالى مائة عام هو وحماره ، ولحمه وعنبه لم يتغير ولم يصيبه العفن ولم تتغير رائحته وظل في آنيته في خُرجِ حماره مائة سنة ، قال أهل العلم والمفسرين : آماته الله في الضحى وبعثه بعد مائة سنة في وقت العصر ، فلما فلما بعثه الله تعالى نظر الرجل إلى الشمس ، وقال : تأخرت في منامي وانقطع عني السفر ، فأوحى الله تعالى إليه : كم لبثت مكانك ؟ قال : يَوْماً ثم أدركه الورع والصدق ، فقال : أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ .فقال له الله تعالى : أين حمارك ؟ فقال : لا أدري ؛ فنظر فوجد جلد حماره قد بَلي من كثرة الأعوام التي مرت ، وإذا عظام الحمار باليةٌ هامدة ناخرة ، فأصبحت رماداً ، وإذا خُرجُه بطعامه وعنبه ولحمه ، فقال الله عزوجل : وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا فقال الله تعالى للرفات كوني عظاماً ، فتركبت عظام الحمار ويداه ورجلاه وصلبه وهيكله بلا لحم ، وبلا عصب ولا دم ولا أعين ولا آذان.فلما استقامت العظام أمامه ؛ أمر الله تعالى اللحم أن يكسى على العظام ، ثم ركب الله تعالى جلد الحمار ثم عينيه ثم أذنيه ثم نفخ فيه الروح فهز الحمار رأسه فقال الله عزوجل : وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ [البقرة:259] ، وقال سبحانه : فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ، أي لم يتغير ، من الذي جعل الطعام لا يتغير وجعل الحيوان والإنسان الذي قد يعيش مائة عام يموت ثم يعود حيًا ، ثم قال الرجل إنه الله .