من ثمرات قول المسلم : {حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } ، معية الله تعالى ، ومعية الله جل جلاله تتطلب مرحلتين : المرحلة الأولى أن نأخذ بالأسباب التي خلقها الله في الكون وأرشد خلقه إلى الأخذ بها .والمرحلة الثانية إذا خذلتك الأسباب فاتجه إلى الله مسبب الأسباب ، ولذلك قالوا : إذا احتاج الناس إلى الماء فعليهم أن يذهبوا إلى البئر أولًا ، فإذا وجدوها قد جفت ذهبوا لبئر أعمق منها ، فإذا وجدوها قد جفت رفعوا أيديهم إلى السماء طالبين من الله المطر ، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً ، مريئاً مريعا ، نافعاً غير ضاراً ، عاجلاً غير آجل ..استنفاذ الأسباب قبل اللجوء للمسبب :
لذلك فلابد أولاً من استنفاذ أسباب الله الممدودة إليك ، فلا ترد يد الله الممدودة إليك بأسبابه وتتجه إلى المسبب إلا في حالة فشل الأسباب واضطرارك لذلك ، لذلك يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ، والمضطر هو الذي استنفذ أسباب الله في الأرض ، ولم يبق له إلا التوجه إلى الله مباشرة ، ضارعاً إليه ، مستنجداً به .إجابة الدعاء :
لذلك تجد بعض الناس يتعجل ويقول إنه دعا الله ولم يجبه ، نقول له إنك لم تستنفذ الأسباب ، ويظن الناس أن الأسباب وحدها تعطي ، وهذا أحد أهم أسباب تأخر الإجابة .الأخذ بالأسباب ثم الإبتلاء :
لذلك .. لابد لكل إنسان أن يكون الله في باله في كل عمل ، ويعلم أنه لولا توفيقه له ما رشد ، ولتعطلت الأسباب ، ولم تجبه ولابد أن يكون قائماً بأمره مخلصًا له الدين ، ولا يعتقد أن الأسباب تعطى بذاتها بل بقدرة الله ، ولذلك قد يأخذ الإنسان بالأسباب كلها ، ثم يأتي ما يفسد النتيجة مثل : آفة زراعية أو عاصفة ، أو أمطار غزيرة ، فتمنع الأسباب من العطاء ، ابتلاء من الله تعالى ، وليلفتك إلى أن الأسباب وحدها لا تعطي ، وحتى لا تغتر وتقول : إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ .أسلوب الدعاء الصحيح :
فأنت مع أسباب الله تأخذ بها أولًا ، فإذا ما استنفذتها لجأت إلى المسبب سبحانه مباشرة ، وإياك أن تدعو الله مثلًا ان كنت تلميذًا في مدرسة أن يوفقك الله إلى الاجابة الصحيحة ، وأنت لا تقوم بالمذاكرة ولا فتحت كتاب ، ولكن الصحيح أن تذاكر وتدعو الله بالنجاح وبذلك يكون لك أكثر من رصيد في الحياة ، فإذا لم تعطك الأسباب أ كان لك سندًا من الله تعالى .معية الله ثمرة من ثمرات التوكل :
والتوكل عمل القلوب وليس عمل الجوارح ، فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل ، على أننا لابد أن نلاحظ أن قول الحق سبحانه وتعالى : عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، إنك حين تتوكل على الله ، رب هذا الكون الذي سخر لك كل شيء فيه .حتى الأشياء التي فوق قدرتك كالشمس والمطر والرياح إلى آخر ذلك ما تزرعه وما تركبه وما تأكله وما تشربه وجعل هذا الكون كله يعمل من أجلك ولذلك يطلب الحق سبحانه وتعالى من عبد المؤمن أن يقول دائما مخلصاً من قلبه : {حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } ، وأن يطابق هذا القول بالعمل فلا يقول ذلك بلسانه وينصرف بجوارحه لعمل شيء آخر ، أو يقول بلسانه ويهمل الأخذ بالأسباب التي سخرها له رب العزة سبحانه وتعالى .