قصة توبة الإمام القعنبي

منذ #قصص دينية

هناك من يهديه الله سبحانه وتعالى بعد رحلة لهو وغوص في الذنوب والمعاصي ، ومنهم من يصل إلى أعلى الدرجات الإيمانية ، وقد كان عبدالله بن مسلمة بن قعنب الحارثي من هؤلاء العصاة حتى تاب الله عليه وأنار قلبه بالإيمان وأصبح واحدًا من علماء السنة والجماعة ، كما أصبح من رواة الحديث وتتلمذ على يديه الإمام البخاري .حياة القعنبي :
لقد كان يعيش القعنبي حياة لاهية مع أصدقاء السوء ، فكان شاربًا للخمر في الطرقات دون تورع أو حياء ، وقد عاش ذلك طويلًا في حال سيء مع رفقاء السوء الذين كانوا يعربدون مثله ويرتكبون المعاصي في الشوارع بين الناس .أراد الله تعالى أن ينشرح قلب القعنبي للهداية فأنار بصيرته بالعلم حينما التقى مع الإمام الشعبي والذي بدا ذكيًا في التعامل معه ، وقد أدى ذلك إلى تغير جذري في حياة القعنبي الذي صار طالبًا للعلم في كل مكان ، وقد تتلمذ على يد الإمام مالك حتى ارتوى من فيض علمه الغزير.قصة توبته :
لقد ذكر العلماء أن القعنبي كان جالسًا يعاقر الخمر على قارعة الطريق كعادته ؛ حيث لم يكن لديه الحياء الذي يمنعه من فعل ذلك أمام عامة الناس ، ولكنه لاحظ جمع من الناس ملتفين حول رجل كان يركب حمار ، فانتبه إلى ذلك المشهد وقرر أن يصل إلى هذا الرجل ، وتمكن القعنبي من اختراق جموع الناس المحيطين بالرجل حتى وصل إليه ثم أمسك بلجام الحمار وهو يتحدث إلى الرجل قائلًا : من أنت؟! فأجابه راكب الحمار : شعبة ، هنا سأل القعنبي مرة أخرى : ومن شعبة؟!.بدا سؤال القعنبي الذي وجهه إلى راكب الحمار وكأنه صاعقة ألمت بجميع الموجودين ، فهل هناك أحد في البصرة لا يعرف من هو شعبة بن الحجاج وهو أحد رواة الحديث ومحدثي الأمة ، وفي ذلك الوقت أجاب تلاميذ شعبة على سؤال القعنبي قائلين : محدث .كان القعنبي بعيدًا تمامًا عن حياة المسلمين ، فعاد ليسأل من جديد : وما محدث؟! ما هو شغله؟! ثم أعاد سؤاله بصيغة أخرى : ماذا يفعل المحدث؟ ، كان جموع الناس لا يكادون أن يصدقوا ما يسمعونه ، فهل يوجد بينهم من لا يعرف من هو المحدث ، فعاد ليسأل : وما محدث يبيع ماذا؟! ، هنا أجابوه قائلين : محدث يروي أحاديث.نور الإيمان يغزو قلبه :
تحدث القعنبي ساخراً بعد أن سمع الإجابة فتوجه باستهزاء إلى شعبة قائلًا : حدثني بحديث مما تعرف ، أدرك شعبة أنه سيتحدث إلى واحدًا من الشباب الذين لا يعرفون عن دينهم شيئًا ، فقرر أن يعطيه درسًا مدى الحياة من خلال إجابته .توجه شعبة إلى القعنبي كي يجيبه على طلبه حيث قال له : حدثنا منصور عن ربعي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال ” إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ؛ إذا لم تستح فافعل ما شئت” .وقع الحديث الذي قاله الشعبي على قلب القعنبي قبل أن يقع على مسامعه فترك اللجام من بين يديه ، وأصابته نوبة بكاء حتى عاد إلى منزله ، وحينما قابل أمه قال لها : إذا عاد أصحابي أخبريهم بأني سكبت الشراب ، فإذا علموا رحلوا عني .القعنبي المتأمل والباحث عن العلم :
بعد هذه الواقعة ظل القعنبي يبحث عن شخص يكون أعلم أهل الحديث ، فأرشده الناس ليذهب إلى الإمام مالك في المدينة ، وبالفعل أصبح من أنجب تلاميذه ، ويُذكر أن الإمام مالك قام بقراءة نصف الموطأ على القعنبي الذي قام هو بقراءة النصف الآخر على معلمه.أصبح القعنبي أحد رواة الحديث وواحدًا من العلماء الثقة في عصره ، وقد تتلمذ على يده الإمام مسلم والإمام البخاري وأبو داوود ، وقد وافته المنية في مكة المكرمة عام 221 هجريًا .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك