إن كان عندك أيها المؤمن ذرية ضعيفة ، وتخاف عليها فساعة ترى ذرية ضعيفة تركها غيرك فلتعطف عليها ، وذلك حتى يعطف الغير على ذريتك الضعيفة إن تركتها .عمرو بن العاص وأمير المؤمنين :
واعلم أن ربنا رقيب وقيوم ولا يترك الخير الذي فعلته دون أن يردّه إلى ذريتك ، وقيل أنه ذات مرة أن معاوية وعمرو بن العاص اجتمعا في أواخر حياتهما ، فقال عمرو بن العاص لمعاوية : يا أميرًا المؤمنين ماذا بقيّ لك من حظ ، الدنيا ؟ .. وكان معاوية قد صار أميرًا للمؤمنين ورئيس دولة قوية غنية ، فقال معاوية : أما الطعام فقد مللت أطيبه ، وأما اللباس فقد سئمت ألينه ، وحظي الآن في شربة ماء بارد في ظل شجرة في يوم صائف .عمرو بن العاص وعين الماء :
وصمت معاوية قليلاً وسأل عمرًا : وأنت يا عمرو ماذا بقي لك من متع الدنيا ؟.. وكان سيدنا عمرو بن العاص صاحب عبقرية تجارية ، فقال : أنا حظي عين خرارة في أرض خوارة تدر على حياتي ولولدي بعد مماتي ، إنه يطلب عين ماء مستمر في أرض فيها أنعام وزروع تعطي الخير ، وكان هناك خادم يخدمهما ، يقدم لهما المشروبات ، فنظر معاوية إلى الخادم وأحب أن يداعبه ليشركه معهما في الحديث .عمرو بن العاص والخادم وردان :
فقال للخادم : وأنت يا وردان ماذا بقي لك من متاع الدنيا ؟.. أجاب الخادم : بقى لي من متع الدنيا يا أمير المؤمنين صنيعة معروف ، أضعها في أعناق قوم كرام لا يؤدونها إلىّ طوال حياتي حتى تكون لعقبى في عقبهم .الخادم وردان وفهمه لآيات الله :
لقد فهم الخادم عن الله قوله : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
. صدق الله العظيم .. فالذين يتقون الله في الذرية الضعيفة يضمنون أن الله سيرزقهم بمن يتقي الله في ذريتهم الضعيفة .العبد الصالح وسيدنا موسى :
وقد رويّ عن العبد الصالح الذي ذهب إلى موسى عليه السلام ، قال تعالي : قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) . صدق الله العظيم .. ، لقد جرب العبد الصالح موسى في خرق السفينة ، كما توضح الآيات ، فقال العبد الصالح : قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) ..صدق الله العظيم … ، ثم ما كان من أمر الغلام الذي قتله العبد الصالح ، وقوله له موسى :
لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا ).. صدق الله العظيم .ابن السبيل والأمر الواجب :
ثم جاءا إلى أهل القرية فطلبا منهم الطعام ، وحين يطلب منك ابن سبيل طعامًا فاعلم أنها الحاجة الملحة ، لأنه لو طلب منك مالاً فقد تظن أنه يكتنز المال ، ولكن إن طلب لقمة يأكلها فهذا أمرا واجب عليك .