قصة أبناء نزار بن معد بن عدنان مع الفراسة

منذ #قصص دينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } {سورة فاطر ، الآية رقم 1} ، فسبحان الله عزوجل الذي يهب لمن يشاء من نعمه وفضله ويغدق على عباده الكثير من خيره ، فلقد أعطى لأبناء نزار بن معد نعمة الذكاء والفراسة فكانوا من أذكى أذكياء العرب في زمانهم .كان نزار بن معد بن عدنان وهو والدهم الجد الثامن عشر لنبينا محمد صلّ الله عليه وسلم ، وهبه الله أربعة أبناء الأول هو مضر بن نزار وهو الجد السابع عشر لنبينا محمد صلّ الله عليه وسلم ،  والابن الثاني هو ربيعة أما الابن الثالث فيدعى إياد و الابن الرابع هو أنمار ، ولما اقترب الأجل من والدهم نزار دعاهم جميعًا وأخبرهم أنه يحس بدنو أجله .وقال لهم أريد أن أخبركم بتركتكم قبل أن أموت ، ثم أخذ بيد مضر وأدخله قبة حمراء وقال له تلك القبة فهي لك ، وبعدها أخذ بيد ربيعة وقال له : تلك الفرس السوداء والخيمة السوداء هي لك ، ثم أخذ بيد إياد وقال له الشمطاء لك وبعدها أخذ بيد أنمار وقال له مجلس القوم وتلك البدرة فهي لك ، وإن اختلفتم فاذهبوا إلى الأفعى الجرهمي بنجران يفسر لكم كلامي ، والأفعى الجرهمي هذا كان رجلًا يحكم بين العرب .وبعد فترة توفي والدهم وبالفعل حدث بينهم خلاف ، فقرروا أن يذهبوا إلى الأفعى الجرهمي بنجران باليمن ، وعندما ساروا في طريقهم إلى نجران نظر مضر إلى الأرض فلاحظ وجود نبات مرعي أي أكلت منه الإبل ، وكان هناك نبات بالناحية الأخرى أفضل منه ولكنه غير مرعي فلم تأكل منه الإبل ، فأخبر إخوانه وقال لهم :  إن الجمل الذي رعى هنا أعور وتفسيره في ذلك أنه رأى تلك الناحية التي رعى بها ولم يري الأخرى وهي الأفضل ويقصد بذلك الناحية التي لم يرعى بها .وبينما هم يتحدثون نظر ربيعة إلى الأرض وقال : إن هذا لجمل أزور أي أنه يتحامل على إحدى رجليه وعندما يمشي تظهر أثار رجله السليمة من تلك الأخرى المصابة حيث لا تكون أثارهما متساوية ، وهنا قال أنمار : إن هذا الجمل أبتر أي ليس له ذيل ، وقال إياد : إنه جمل شرود لأنه يأكل من كل منطقة ولا يكملها أبدًا فهو يأكل من هنا وهناك إنه شرود .ثم ساروا في طريقهم وقابلوا رجلًا يبحث عن بعيره أو جمله ، فسألهم أرأيتم بعيرًا شرد مني ؟ فقال له مضر أهو أعور ؟ فقال الرجل نعم هو أعور ، ثم قال ربيعة أهو أزور ؟ فقال الرجل نعم هو أزور ، وقال أنمار أهو أبتر ؟ فقال الرجل نعم أبتر ، ثم قال له إياد أهو شرود ؟ فقال الرجل نعم : إنه شرود ، فقال لهم الأعرابي أنتم من سرقتم الجمل لقد وصفتم كل ما به من صفات .وكانوا قد اقتربوا من نجران فأخذهم الأعرابي صاحب الجمل إلى القاضي الحكم ، وهو أبو الأفعى الجرهمي حيث أخبره الأعرابي بما حدث له معهم ، فسألهم أبو الأفعى الجرهمي لماذا أخذتم بعير هذا الأعرابي ؟ فقالوا لم نأخذه فقال لهم أبو الأفعى لقد وصفتم كل صفاته ، فقالوا لم نأخذه ولكننا عرفنا صفاته من أثاره .فقال لهم أبو الأفعى وكيف ذلك ؟ فأخبروه بتفسيرهم للأعور لأنه يأكل من ناحية ويترك الناحية الأخرى رغم أنها الأفضل ، وأيضًا فسروا الأبتر بأنه ليس له ذيل وقد عرفوا هذا لان البعر (الروث) كان في منطقة واحدة ولو أن له ذيل لتناثر البعر هنا وهناك ، أما عن الأزور فلأن أثار رجليه تدل على ذلك وفسروا وصفهم له بالشرود من أثار أكله التي كانت تدل على ذلك .فتعجب أبو الافعي الجرهمي وقال لهم خلوا سبيلهم فتلك فراسة يهبها الله ما يشاء ، ثم أخبروه بقصتهم مع أبيهم وبأنهم اختلفوا فيما بينهم ، فأجابهم قائلًا : القبة الحمراء هي كل شيء أحمر من دنانير وجمال حمر لآخوكم مضر ، وكل شيء أسود لربيعة من فرس وأموال وغيرها ، ثم قال أعطوا إياد أرازل المال أي الشمطاء ليست سليمة ، ثم أعطوا الأموال البيضاء من الفضة والمجلس لأنمار .وبعد ذلك أمر خادمه أن يعد لهم الأكل والشرب ليكرم ضيافتهم ، ثم جلس بالقرب منهم وهم يأكلون لكي يستمع لهم ولكنهم كانوا لا يرونه ، فقد تبين له أنهم أهل ذكاء وفطنة منقطعة النظير ، فسمع ربيعة يقول ما رأيت أطيب من هذا اللحم لولا أن أمة غذيت بلبن كلبه ، ثم أخذ مضر يشرب من الإناء الذي أمامه وقال شراب طيب لولا أن كرمته زرعت على قبر ، ثم قال أنمار إن الأفعى الجرهمي من ثراة القوم وهو سيد إلا أنه ليس من أبيه .ثم قال إياد والله ما رأينا كلامًا أفضل من كلامنا مع بعضنا البعض ، فذهب الأفعى الجرهمي واستدعى الراعي وسأله عن الشاة التي يأكلها الإخوة الأربعة ما قصتها ؟ فقال له الراعي أن تلك الشاة ولدتها أمها ثم ماتت ولم تكن لدينا شياة مرضعة فأرضعتها كلبة لنا ، ثم سأل الرجل الذي أحضر الشراب وعن مصدره فأخبره أنه من كرمة يزرعها على قبر أبيه .ثم ذهب إلى أمه يسألها عن أبيه وعن حقيقة الأمر وألح عليها ، فأخبرته أن أبيه لم يكن ينجب وخافت أن يذهب هذا الملك لغيره فحدث ما حدث ، ثم عاد إليهم وقال لهم لم تعودوا في حاجة إليّ ولكن الناس جميعا في حاجة إليكم ، فسبحان الله الذي وهبهم وأعلمهم بتلك الأمور فتلك هي الزيادة وهذا هو عطاء الله الذي ينعم به على من يشاء من عباده المختارين .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك