ذات يوم من الأيام ، كان لقمان الحكيم يناجي ربه ، ويدعوه ، وبينما هو كذلك ، إذ سمع مناديًا ، من بعيد ، ينادي ، ويقول : ” ها قد أجيبت دعواتك ، التي دعوت بها ، وأعطيت سؤالك ، الذي سألته ، ولا سبيل موجود إلي الخلود ، ويمكنك إن شئت ، أن تختار بقاء سبع من البقرات العفر، وذلك في جبل وعر ، لا يمكن أن يمسسهن ذعر .ولو شئت مكوث سبع نوايات من تمر، لا يمسسهن قطر ، ولا ندى ، مستودعات في الصخر ، ولو شئت مكوث سبعة من النسور ، حيث كلما هلك أي منهم ، عقب نسر بعده ” ، وجد لقمان الحكيم ذاته ، في حيرة شديدة من أمره ، حيث وجد نفسه ، أمام ثلاثة من الاختيارات ، عليها تتحدد مدة بقائه في الحياة .فعليه أن يختار ما بين ، العيش لمدة بقاء ، وحياة سبع من البقرات ، القوية ، الشديدة ، والموجودة في جيل وعر ، لا يمسها أي أذى ، أو يختار بقاء سبع من النباتات ، تمر في الصخر ، دون أن يصيبها تلف ، أو أذى ، أو يختار بقاء سبع من النسور ، يكمل بقاء هلاك أي نسر ، النسر الآخر .وعقب تفكير عميق ، وجد لقمان الحكيم ، أن النسر من الطيور المعمرة ، حيث تطول مدة بقائه عن غيره من المخلوقات ، فوقع اختياره على مدة بقاء ، سبعة من النسور ، حيث كلما هلك أي منهم ، يعقب عقب بعده نسر آخر ، وتحكي الأسطورة : ” في يوم من الأيام ، في جبل قبيس ، الموجود في مكة .وجد منادٍ ، ينادي على لقمان الحكيم ، ويخبره بأن النسر يوجد في أعلى رأس ” ثبير ” ، فلم يتردد لقمان الحكيم ، وصعد إليه ، فوجد عشًا ، من أعشاش النسور ، يحتوي على بيضتين اثنتين قد أفرخا ، فقام باختيار أحدهما ، ووضع في رجله علامة مميزة ، وأطلق عليه اسم المصون .وقد عاش المصون ، وبلغ من العمر ، مائة
100
عام ، وكان لقمان يقوم برعايته ، إلى أن دنا أجله ، وللأسف مات ، يومها ، نادى المنادي ، وقال له : ” یا لقمان ، يا ابن عاد ، دونك البدل ، هذه المرة ، في رأس الجبل ، وبالأخص في مرعى الوعل ، في رأس السرماج المعتزل ، فهو مأمور كالأول بطاعتك ” .صعد لقمان الحكيم ، وأحضر النسر الآخر ، وفي تلك المرة ، أطلق عليه اسم ” عوض ” ، وقد عاش عوض ، حتى بلغ من العمر ، مائة
100
عام أخرى ، إلى أن جاء أجله ، ومات ، وهكذا ظلت النسور تتوالى ، وقد تبع النسر ” المصون ” عوض ، ومن ثم ” خلف ” ، وبعده ” المغيب ” ، وقد ألحقه ” ميسرة ” ، ثم ” أنسا ” ، كان الأخير ” لبد ” ، بمعنى الدهر ، أملًا منه أن يعيش أبد الدهر ، وقد عاش مائة
100
عام أيضًا ، كبقية النسور ، إلى أن دنا أجله ، هنا شعر لقمان بالحزن الشديد ، ومات هو الآخر .