لما قدم النبي صلوات ربي ، وتسليماته عليه ، إلى المدينة المنورة ، كان الناس الذين يعملون في مجالة التجارة آنذاك ، يمارسون التطفيف ، في كافة الموازين ، والمكيال ، لا سيما حينما يكون الزبون من الفقراء المحتاجين ، الذين لا يملكون إلى أنفسهم ضرًا ، ولا نفعًا ، حيث أنهم كانوا إذا شرعوا في البيع ، فإنهم لا يمكن أن يستوفوا الكيل الذي يبيعون بصدده ، ويقللون في الموازين ، وأقل بكثير مما يفترض أن يبيعوه إلى الناس .ورغم ما كان يفعله أولئك التجار ، من إنقاص الوزن ، وأحيانًا كانوا يعمدون إلى وضع أشياء تثقل من الموازين ، إلا أن الفقراء ، لم يكن لديهم القدرة في الاعتراض على شيء ، وكانوا مجبورين على أمرهم ، وفي غالب الوقت ، كان هؤلاء الفقراء يشترون من التجار بعض البضائع ، التي لا يملكون تسديد أسعارها في الوقت الذي يشترونها فيه ، وذلك كان يضطرهم في كثير من الأحيان ، إلى اللجوء إلى الموافقة على أي شيء ، دون أن يكون لهم حق الاعتراض ، فقد كانوا مغلوبين على أمرهم .ولما كانت تلك الأفعال كانت بمثابة مفسدة كبيرة ، تؤثر تأثيرًا سلبيًا على الفرد ، والمجتمع ، دينًا ، ودنيويًا ، ولما كان من ضمن أولويات الرسالة الأسمى للرسل ، والأنبياء ، القضاء التام ، على ما يتسبب في هلاك ، وانتشار الفوضى ، والمفاسد في المجتمع ، ومعالجة الأمور كلها ، حتى يهتدي الناس جميعهم ، فأتى الأمر للرسول ، صلى الله عليه وسلم ، من رب العالمين ، وأنزل عليه سورة المطففين ، والتي يقول فيها المولى سبحانه وتعالى :” ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ” .