الأنصار هم نصروا الرسول الكريم ، صلى الله عليه وسلم ، فكانوا من أوائل من ساندوه ، حينما آذاه قومه ، واستقبلوه ، والمسلمين ، أفضل استقبال ، حينما هاجروا ، متجهين إليهم ، لذا فكانت لهم أسمى مكانة لدى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .لما كان من الأنصار أن دعموا الدعوة الإسلامية ، وساهموا في استقرارها ، هذا جنبًا إلى معاملتهم الحسنة ، والمتناهية في السمو ، مع المسلمين ، فأحبهم الرسول حبًا جمًا ، وأثنى عليهم كثيرًا ، ومما يدل على حب النبي الكريم للأنصار ، أنه عقب غزوة حنين ، قام الحبيب المصطفى بتقسيم الغنائم ، ومنح المؤلفة قلوبهم ، وهم الذين انضموا إلى الإسلام مؤخرًا ، العديد من المغانم الثمينة ، أما الأنصار ، فكانوا أقل منهم في المغانم .وهنا حزن الأنصار كثيرًا ، فكيف أنهم من يناصرون الإسلام ، وينصرون المسلمين ، ويكونون في مقدمة كل أمر ، وفي النهاية ، يحصلون على لا شيء ، ويفضل حديثو العهد بدخول الإسلام عنهم ، فجاء سعد بن عبادة ، وأخبر الرسول الحبيب بذلك ، فقال النبي لسعد : “وأين أنت من ذلك يا سعد ؟ ” ، قال سعد : ما أنا يا رسول الله إلا امرؤ في قومي ، أي أن الأمر ليس بيده ” .وعلى الفور عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم اجتماعًا ، دعا فيه الأنصار جميعهم ، وتحدث النبي محمد مع الأنصار ، بلطف ، وحرص ، فاضت منه الدموع ، مما يدل على فرط المشاعر الفياضة ، والصلة الوثيقة بين كل من الرسول الكريم ، والأنصار .فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم :” أيها الأنصار الكرام ، قد بلغني ما أحزنكم ، وما ينبغي لمثلكم ممن ناصروا الإسلام ، والمسلمين ، وجاهدوا في سبيل الله تعالى ، أن يتخللهم حزن ، أو ضغينة ، فقد أغناكم الله ، وألف بين قلوبنا ، وقلوبكم ، ولكم ما سألتم ” ، وقد وجه إليهم عتابًا رقيقًا .وعند ذلك أمر لهم الجبيب المصطفى بغنائم ، تفوق ما رغبوها ، وما حزنوا عليها ، بأضعاف مضاعفة ، فكان لذلك وقع عظيم الشأن لديهم ، وهنا أجابوا بلطف ، وبعض الندم ، يتخلل نفوسهم : ” الفضل والمنة لله جل علاه ، ولحبيبه المصطفى ” ، وهنا رغب الرسول الكريم أن يرفع من روحهم المعنوية ، فأخبرهم بأنهم لو أرادوا ، فليقولوا ، فهم من آووه وقت طرده ، وواسوه ، وأمنوه من الخوف ، وصدقوه لما كذبه غيره ..واستأنف الرسول الكريم ، فقال للأنصار : ” أتتذمرون لدنيا فانية ؟ وتحزنون لمغانم تزول ، أما يكفيكم أيها الأحباب الكرام ، أن تكونوا قد أسلمتم لله تعالى ، وأن ترجعوا من الغزوة ، ورسول الله معكم ، وبينكم ؟ ، فوالله الذي لا إله غيره ، لو أنني لم أكن مهاجرًا ، لكان أحب إلي أن أكون من الأنصار ، ولو أن الناس جميعًا ، سلكوا سبلًا أخرى ، لاخترت ، وسلكت أنا شعب الأنصار ” .وظل النبي صلوات الله ، وتسليماته عليه ، يثني على خصال الأنصار الكريمة ، والتي لن يسبقهم إليها أحد ، وختم حديثه معهم ، بدعاء طويل ، دعا فيه لهم ، ولأبنائهم ، وذويهم جميعًا ، فبكى القوم جميعهم ، ورقت قلوبهم ، لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم .