كان أبو
بكر الأنصاري من أعظم قضاة الإسلام في عصره ، واسمه أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن
محمد الأنصاري ، ولد في بغداد عام 442 للهجرة ، وقد روى لأصحابه في يوم عن قصة زواجه
وهي من أغرب القصص التي سمعها الناس .يقول أبو
بكر الأنصاري أنه في يوم عندما كان يعيش بجوار مكة ، كان جائعًا ولا يجد ما يأكله ولا
يملك أي مال ولم يعرف كيف يتصرف فخرج من منزله وسار في الطريق فوجد كيس مربوط
برباط من إبريز ، وعندما فتحه وجد فيه عقد من اللؤلؤ ، فوضعه في منزله حتى يجد
صاحبه .وعندما
خرج مرة أخرى فوجد رجل يقول لقد ضاع مني عقد من اللؤلؤ وسوف أعطي لمن يجده هذا
الكيس وفيه خمسمائة دينار ، فاصطحبه أبو بكر الأنصاري إلى بيته وسأله عن علامة
العقد فلما وصفه له عرض عليه كيس المكافأة ، فقال أبو بكر الأنصاري في نفسه أنه جائع
وفقير ويجب أن يأخذ المال ، ولكنه شعر أنه ليس من المروءة أن يأخذ أموال مقابل
إعادة العقد لصاحبه فرفض المال فألح عليه الرجل ليأخذ المال ، ولكن أبو بكر
الأنصاري أصر على الرفض .بعد ذلك
قرر أبو بكر الأنصاري أن يركب البحر لعله يكسب قوته في بلد أخر ، ولكنهم عندما
أصبحوا في عرض البحر تعرضت المركب للغرق وغرق من فيها ، ولكنه استطاع أن ينجو على
قطعة من المركب ظلت طافية حتى وصل إلى جزيرة .وعندما
وصل إلى الجزيرة جلس يقرأ القرآن فسمعه بعض أهالي الجزيرة ، فأتوه يطلبوا منه أن
يعلمهم القرآن ، فلم يبقى في الجزيرة رجل إلا تعلم القرآن على يديه ، وكانوا يمنحوا
للشيخ أموال كثيرة مقابل تحفيظه لهم ، فجمع قدر كبير من المال .وفي يوم
وجد أوراق من مصحف في المسجد الذي كان يحفظ فيه الناس ، فجلس يقرأ فيها ، فقال له
سكان الجزيرة ، هل تجيد القراءة ، فقال لهم نعم ، فطلبوا منه أن يعلمهم الكتابة
والقراءة ، وأته كل فتيان القرية فتعلموا القراءة والكتابة ، وأيضًا أعطوا للشيخ
أموال كثيرة مقابل تعليمه لهم .وفي يوم
أتاه أهل الجزيرة وقالوا لها إن في الجزيرة فتاة يتيمة ولها إرث من والدها ،
وأرادوا أن يزوجوها لأبو بكر الأنصاري لأنهم وجدوا أنه رجلًا صالحًا وسيحسن
معاملتها ، ولكنه رفض في البداية فأصروا على تزويجه بالفتاة .وفي يوم العرس دخل أبو بكر على الفتاة وعندما نظر إليها وجدها ترتدي عقد اللؤلؤ الذي وجده في السابق ، فظل الشيخ أبو بكر ينظر للعقد ولم ينظر للفتاة ، فتعجب من حضروا وسألوه لماذا ينظر للعقد ، فقص عليهم قصته مع صاحب العقد ، فقالوا له إن الرجل صاحب العقد هو نفسه والد الفتاة . وأنه منذ أن أعاد إليه العقد كان يقول أنه لم يرى في حياته مسلمًا أفضل من هذا الرجل الذي رد إلى العقد وكان يدعو الله طوال حياته أن تتزوج ابنته من هذا الرجل .وقد حصل ما تمناه الرجل وتزوج أبو بكر الأنصاري من الفتاة وعاش معها مدة وأنجب منها ولدان ، ثم ماتت السيدة ، فورث أبو بكر الأنصاري العقد هو وولداه ، ولكن الوالدان قد توفيا بعد ذلك ، فورث أبو بكر العقد من أبنائه ، وباعه بعد ذلك بمائة ألف دينار وظل ينفق من أمواله لفترة طويلة .