قصة جميلة

منذ #قصص اجتماعية

يحكى أنهم أسموها جميله وذلك لأنها انتزعت نظرات الإعجاب عند ولادتها من فرط جمالها ، فالتف اخوتها الذكور حولها حين ولادتها ناظرين إلى جمالها وكأنها دمية ، فقد كان وزن جميلة حين ولادتها خمسة كيلو جرامات ، حتى أن أمها كانت تشعر بفخر لإنجابها تلك الفتاة شديدة الجمال ، ذات الوجه الوردي الدائري ، وعيناها الخضراوتان ، وشعر رأسها الذي كان مثل الزغب كستنائي اللون ، وظلت جميله حتى عامها التاني تتخطفها الأيادي لمداعبتها وتدليلها ، ويغدق عليها الجميع الحلوى والهدايا فهي الفتاة الوحيدة شديدة الجمال .الفاجعه :
وفى منتصف عامها الثالث ، أصيبت جميلة بمرض التهاب السحايا ، الذي هدد بأن يودي بحياتها ، أدخلت المستشفي على أثره ورغم العناية الطبية الفائقة ، إلا انهم لم يتمكنوا من إخراج الجرثومة التي خربت مناطق حساسة في دماغ الطفلة ، فخرجت من المستشفي بلهاء تمامًا .جميلة والمرض :
واستمرت جميلة فى النمو ، وأصبحت وجعًا يؤلم أسرتها ، يوما بعد يوم ، فقد أصبحت فتاة بكامل جمالها وأنوثتها لكنها بلهاء ، دخلت جميلة في خانة المعاقين ، ونسي أسرتها أنها كانت طفلة شديدة الذكاء ذات يوم .وعندما اشتد عود جميله أوكلت لها الأعمال المنزليه ، فقد كانت تقضي معظم أوقاتها في المطبخ تساعد أمها ، وتغسل وتخدم أخوتها الذكور ، دون سماع كلمة شكر من أحد منهم ، فمن يقدم الشكر لفتاة بلهاء .حتى بعد أن تزوج أخوتها الذكور ، كانت زوجاتهم تستعن بجميلة لمساعدتهن في الأعمال المنزلية الشاقة ، لم تكن تتململ أو تشعر بالظلم ، فالبلاهة حمتها من الإحساس بالاضطهاد والظلم ، وكانت تعتلي دائمًا وجهها تلك الابتسامة التي لا معنى لها .عالم جميلة الخاص :
كانت جميلة تعيش عاملها الخاص فكانت كل يوم عصرًا ، وبعدما تنتهي من أعمالها المنزليه ، تقوم بالوقوف فى الشرفة بمريلة المطبخ ، وتنظر إلى بعيد ثم تقوم بمحادثة أشباحها ، تلومهم وتعتب عليهم وتبكي بكاءًا حارًا وتلوح بيديها إليهم وتفرد ضفيرتها الطويلة وتسرح شعرها ثم تضفرها ، وكان الجيران اعتادوا على طقوس جميلة اليوميه فلم يعد أحد منهم يهتم بما يراه منها .قسوة الأهل:
وكان أحيانًا وعلى المدى البعيد يقدم لها إخوانها بعض الهدايا المهترئه ، مثل ملابس قديمة لزوجاتهم ، فلم يكن يبالي أحد من إخوتها بشراء ثوب جديد لجميله ، وكانت تشكرهم جميله من قلبها النقي الذي يحمل حبا لجميع العالم .وحدها الأم التى كانت تهدي جميلة أسورة ذهبية كل عام ، اتقاءًا لغدر الأيام بها ، كانت جميلة تعامل كحيوان أليف تعطا الهدايا حين تقوم بعمل جيد ، فهي كانت لا شيء حتى بنظر أقرب الناس منها .وحين مرضت جميلة ذات شتاء ، بالتهاب فى رئتها ألزمها البقاء فى الفراش شهرًا ، جن جنون إخوتها ، فآلة الخدمة قد تعطلت ، ولم ينظر أي أخ منهم الي أخته برحمة ولا شفقة ، بل وزاد أحدهم وقال لا ينقصنا إلا أن نخدم البلهاء ، بل ووافقه الجميع على رأيه ، أنه لمن حسن حظ جميلة ، أن بلاهتها تحميها من قسوة البشر .نضجت الفتاه وأحبت :
بلغت جميلة الخامسة والعشرين من عمرها ، وما زالت تخدم فى منزل أهلها ، ولم تشكو يومًا ، وعندما كانت تعاني من آلام في ظهرها ، كانت تستلقي على الأريكة ، مستسلمة لأحلام يقظتها محدثة أشباحها .لم يلتفت أحد إلى أن أحد الشبان استأجر غرفة مقابله من بيت جميلة ، بل وصار بترصدها ويكلمها بنفس ايماءاتها ويرسل لها القبلات عبر الأثير ، وجمدت جميلة ، فقد رأت أحد أشباحها يتجسد أمامها فى صورة رجل من لحم ودم ، تبلبلت جميله وتشتت تفكيرها ، وعرفت الأرق لأول مرة فى حياتها ، ولكن فاض بداخلها مشاعر حنين بل وحب ، فالحب أقوى من العقل وهو عفوي حتى فى قلوب البلهاء.ولم يلتفت أحد لبلهاء الجارة ، ولم يلحظ أحد أن الشاب العابث أخذ يستدرج جميلة إلى غرفته ، فيعريها من حياءها وبلاهتها وأساورها الذهبية ، فقدمت له جسدها وقد أحست معه مشاعر لم تكن تعرف بوجودها من قبل ، فكان شعورها معه أقوى من اللذة فهي كانت مثل المخمورة .كان من السهل رؤية شعاع الحب يضوي فى عيون جميله ، وقد كانت تتقابل سخرية أخوتها منها حين لاحظوا أنها تقوم بفرد شعرها طوال الوقت ، ولم تعد تقوم بتضفيره ، بابتسامتها المعتادة .خسة وهروب :
رحل الشاب واختفي بعد حصوله على أساور جميلة الذهبية ، ولم يبالي بانكشاف أمره ، فسوف يقوم بانكار كل شيء سوف تقوله جميله ، فمن يصدق كلام بلهاء كاذبة ، لم تبالي جميلة بالضرب الوحشي التى تعرضت له ، كانت غائبة عن عذاب الجسد ، فإنها تبحث في عالمها الخاص عن ذلك الشاب الذي أتى بها بمشاعر حب لم ترى مثيلها من قبل .مناجاة الحبيب :
وقرر أهلها عدم خروجها من المنزل ، وعدم إعطاءها هدايا ذهبية مرة أخرى ، وعادت جميلة تناجي أشباحها الخياليه ولكن هذه المرة ، بصوت مرتشح ملئ بالدموع ، وكانت تناجي شرفة حبيبها ، على أن يأتي ذات يوم وتهدأ جراحها ، لكنها لم تكن تعلم أنه ليس من عادة الشيطان أن يواسي ضحاياه

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك