تعد الحرب الإيطالية العثمانية واحدة من العمليات الحربية الشرسة التي وقعت بين ايطاليا والدولة العثمانية ، للنزاع على ولاية طرابلس الليبية ، وقد اندلعت هذه الحرب ما بين 29 سبتمبر 1911م وحتى 18 أكتوبر 1912م ، لتنتهي بعد ذلك بإعلان ايطاليا فرض سيطرتها على ليبيا لسنوات طويلة .
استكمالاً لمطامع إيطاليا الاستعمارية ، قررت إيطاليا أن تستولي على إقليم طرابلس وبرقة من العثمانيون ، وبالرغم من امتلاك الإمبراطورية العثمانية أسطول عصري ، إلا أنهم شعروا بخطورة شديدة من القوات الايطالية ، لأنهم لم يمتلكوا أسلحة عصرية حديثة ، بالإضافة إلى صعوبة إرسال التعزيزات من اسطنبول .
وفي عصر يوم 28 سبتمبر 1911م وصل الأسطول الايطالي ، وبدأ في قصف الميناء يوم 3 أكتوبر ، وبالفعل وقعت المدينة تحت يد الجنود الايطاليين ، ورفضت القوات الايطالية مبدأ الأرض مقابل السلام الذي عرضه الأتراك ، فقرر الأتراك أن يكملوا الدفاع حتى النهاية ، وفي 10 أكتوبر وصل 20 ألف من القوات الايطالية إلى البر ، وقاموا بالاستيلاء على كل من طبرق ودرنة والخمس .
ولكنهم لم ينجحوا في الاستيلاء على بني غازي ، فبدأت المقاومة التركية المدعومة بفرسان العرب ، بشن هجمات علي القوات الايطالية بطبرق ، وانتهت الوقعة بانتصار الأتراك في 22 نوفمبر بقيادة مصطفي كمال .
وفي ظل هذا الانتصار قامت ايطاليا بإرسال 100 ألف مقاتل مدججين بكل أنواع السلاح في مقابل 20 ألف مقاتل عربي و8 ألاف مقاتل تركي بتسليح أقل بكثير من الايطاليين ، وتحولت المعركة إلي كر وفر وحرب مواقع ، استخدم فيها الايطاليين كل شيء من أنواع الحرب جوًا وأرضًا وبحرًا .
وقد كانت تلك الحرب مسرحًا كبيرًا شهد بزوغ التقدم التكنولوجي ، حيث استخدمت في العمليات العسكرية طائرات ومعدات حديثة ، ومنها طائرة حلق بها الكابتن كارلو ماريا فوق الخطوط التركية ، وفي يوم 1 نوفمبر 1911م قامت القوات الايطالية بإسقاط قنبلة علي القوات التركية ، مما أدى إلى مصرع عدد كبير من الأتراك .
وبعدها أعلنت ايطاليا سيادتها علي ليبيا في 5 نوفمبر ما عدا طرابلس ، ولإرهاب المقاومين بدأت القوات الايطالية في تنفيذ أحكام الإعدام ، علنًا في الميادين علي الثوار وكل من يساندهم ، وتكبدت إيطاليا خسائر مادية طائلة من جراء هذه الحرب ، وصلت إلي 80 مليون في الشهر مما أدى إلى خلل في ميزانية الدولة .
واستمر الاحتلال الإيطالي لليبيا 20 عامًا ، وبعد تفكك الدولة العثمانية بليبيا وإعلان ايطاليا سيطرتها علي البلاد ، بدأ عمر المختار في قيادة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإيطالي ، وشكل أول قوة نظامية معتمدًا علي أبناء قبيلته ، حيث كانت تتكون من 1000 شخص ، واعتمد المختار في قتاله للايطاليين علي حرب العصابات .
فاتصل بكل العشائر وأقنعهم بمقاومة الاحتلال وحشدهم لقتال الاحتلال الجائر ، واستطاع عمر المختار إلحاق الخسائر الجسيمة بالايطاليين ، حتى أنه أصبح شبحًا يلاحق القادة الايطاليون ، ولم يستطيعوا إلحاق الهزيمة به أبدًا ، فاضطروا للجوء للأساليب الرخيصة لكي يتمكنوا من القبض عليه .
فأعلنوا عن جائزة تقدر ب 200 ألف فرانك ، لمن يقبض عليه حيًا أو ميتًا ، وبعدها حوصر البطل الليبي عمر المختار مع جماعته ، ووقع في الأسر بعد حرب طويلة مع المحتل الإيطالي ، وتم إعدام بطل المقاومة المجاهد عمر المختار في 15 سبتمبر لعام 1931 ميلادية ليسدل الستار على تلك الحرب وتبدأ غيرها .