قصة معركة نهاوند

منذ #قصص حروب

تعد معركة نهاوند أحد المعارك الفاصلة في تاريخ الفتح الإسلامي ، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى قرية نهاوند بفارس ، وانتصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا على الفرس الساسانين بقيادة النعمان بن مقرن ، وكان هذا إبان خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وقعت تلك المعركة سنة 21 هـ ، وقيل سنة 18 أو 19 لم يذكر الوقت على وجه التحديد ، ولكن المؤكد فيها أن بنصر المسلمين انتهى حكم الدولة الساسانية الذي دام في إيران قرابة 416 عام .

أسباب المعركة : ولعل أهم أسباب تلك المعركة كان فوز المسلمين في القادسية حيث اجتمع الفرس وتكاتبوا لملاقاة المسلمين في نهاوند ، فندب أمير المؤمنين النعمان بن مقرن لقيادة الجيوش ، فحمل المهمة على عاتقه وسار إلى نهاوند .

وتعتبر نهاوند مدينة حصينة ، حيث تقع على ربوة شاهقة ارتفاعها 6 ألاف قدم ، وكانت هذا مشكلة كبيرة لأن المسلمين لم يعتادوا القتال في المناطق الجبلية ، كما أن الجيوش الفرس قد بلغ عددها في نهاوند مائة وخمسون ألف جندي ، على حين أن جيوش المسلمين كانت ثلاثون ألف فقط .

قيام المعركة وانسحاب الفرس : سار النعمان بجيوش المسلمين والتقى الجمعان وألحق المسلمون بالفرس هزيمة ، جعلتهم يلجئون لتحصن بنهاوند لعدة أسابيع ، حاول فيها المسلمون إخراجهم من جحورهم كي يقاتلونهم ، ولكن دون قائدة فقد كان الحصن منيع وسهام الفرس تصل للمسلمين قبل أن تصل سهام المسلمين إليهم.

ودام الحصار لمدة شهر كان من أصعب الأوقات على المسلمين ، حيث تزامن الحصار مع حلول فصل الشتاء ، فعانى المسلمون من برودة الجو الجليدي الذي لم يعتادوه من قبل حيث نشأ معظمهم في الصحاري ذوات الشمس الحارقة ، ولكنهم صبروا وثابروا حتى يأذن الله بنصر قريب .

خطة القتال : تشاور النعمان بن مقرن مع قادة الجيش في خطة لإخراج الفرس من مكامنهم ، فكان أمامهم خيارات ثلاث : الأول أن ينتظر المسلمون خارج الحصن محاصرين الفرس حتى ييأسوا ويستسلموا حال نفاذ مؤنهم ، ولكن هذا الخيار لم يكن من صالح المسلمين بسبب الصقيع والتأثير على روح المسلمين المعنوية .

أما الخيار الثاني فكان اقتحام المسلمين للحصن ، وهذا كان سيسبب خسائر كبيرة في جيوش المسلمين ، فلم يبقى إلا الخيار الثالث وهو خداع الفرس بالهجوم عليهم ، ثم الانسحاب وهذا الأمر قد يغري الفرس بالخروج لمطاردة فلول المسلمين المنسحبة ، وهكذا يمكن إجراء معركة فاصلة بين الجيشين .

وبالفعل اختار النعمان فارسًا من فرسان المسلمين لا يشق له غبار ، وهو القعقاع بن عمرو وأمره بالتوجه مع فرقته للهجوم على حصن نهاوند ، في حين انسحبت باقي جيوش المسلمين في الظلام واختبأت خلف الجبل .

ومع تقدم القعقاع ناحية حصن الفرس أخذ يرميهم بسهامه ، فتحركوا من مواقعهم وأخذوا يقاتلوه ، وبدأ الفارس المغوار يتقهقر تدريجيًا مظهرًا هزيمة المسلمين ، حتى وصل بجيشه إلى موقع فرق الجيش المرابطة خلف الجبل ، والفرس من خلفه .

معركة القتال : وقعت المعركة في صدر النهار عقب صلاة المسلمين للظهر في السادس والعشرين من رمضان ، بعد أن تبادل القعقاع والجنود رمي السهام والنبال مع قوات الفرس لساعات ، حيث خطب النعمان في المسلمين خطبة عصماء حثهم فيها على النصر أو الشهادة .

وبعدها رجع النعمان إلى مركزه وكبر ثلاث تكبيرات بعدها انقض جيش المسلمين على الفرس قتلاً وتقتيلاً ، واستمر القتال بالسيوف حتى هبوط الليل ، وزاد عدد قتلى الفرس حتى غطت أجسادهم أرض المعركة .

وزلق فرس النعمان فلقي حتفه وكان أخوه نعيم بن مقرن بالقرب منه ، فغطاه بثوب وأخفى الخبر عن المسلمين وحمل الراية قبل أن تسقط ، وبعدها جلب حذيفة بن اليمان ليقود المعركة حسب ما أوصى أمير المؤمنين في حالة وفاة النعمان .

وانزلق ثمانون ألف من جيوش الفرس في جرف عميق فلقوا حتفهم ، غير ثلاثين لقوا حتفهم في المعركة ولم ينج منهم إلا الشرذمة الهاربة وكان من بينهم قائد الفرس فيرزان الذي هرب إلى همذان التي تبعد عن نهاوند مسافة 100 كم .

وعند انتهاء المعركة سأل المسلمون عن قائدهم وعلموا أنه نال الشهادة ، أما عن غنائم المسلمين فكانت كنوز كسرى لا تعد ولا تحصى وزعت على جيوش وكان نصيب كل فارس ستة ألاف درهم .

ونصيب الرجل ألف درهم أما خمس الغنائم فتم إرسالهم للخليفة مع سفطين مليئين بالجواهر النفيسة ، وسمي هذا الفتح بفتح الفتوح لأنه كسر شوكة الفرس وألحق بهم شر هزيمة .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك