قصة حرب الـ 335 سنة

منذ #قصص حروب

هناك العديد من الحروب التي ذكرها التاريخ ؛ فكانت مختلفة الأسباب والنتائج ؛ كما كانت تسبب خسائر هائلة في الأرواح البشرية والممتلكات المادية ؛ ولكن من بين ما أثبته التاريخ أن هناك حروبًا لم تكن بالمفهوم الحقيقي للحرب وسفك الدماء والإطاحة بالبشر ؛ لذلك تُعد حرب الـ 335 سنة من أغرب ما ذكره التاريخ في ذلك المجال .

سُميت حرب الثلاثمائة وخمسة وثلاثون عام ؛ نظرًا لأنها دامت قائمة طيلة كل تلك الأعوام ؛ لكنها بالرغم من طول مدتها إلا أنها كانت أقل الحروب في حدوث خسائر بشرية ومادية ؛ حيث لم يتم إعلان إطلاق النار أثناء ذلك الصراع .

قامت الحرب بين هولندا وجزر سيلي التي توجد بالجنوب الغربي من شاطئ المملكة المتحدة ، وبدأت الحرب حينما حدث صراع بين البرلمانيين والملكيين ؛ مما أدى إلى حدوث حرب أهلية إنجليزية ثانية وحدث ذلك خلال الفترة ما بين 1642م ، و1652م ؛ حيث قام أوليفر كرومويل بإعلان الحرب ضد الملكيين ؛ حتى استطاع أن يجعل أراضي كورنوال التابعة للملكيين بيد البرلمانيين .

تحالف جيش الاتحاد الهولندي مع البرلمانيين ؛ حيث كانت هولندا تدين للحكام الإنجليز بالعديد من المساعدات التي حصلت عليها خلال حرب الثمان سنوات ؛ لذلك قررت هولندا أن تحافظ على عهدها مع إنجلترا التي أوضحت قوتها وبدت أنها ستحصد النصر آنذاك .

ونتيجة لتحالف هولندا مع البرلمانيين ؛ كان من الضروري أن يحارب الملكيون الجيش الهولندي ؛ مما تسبب لهولندا في خسائر عظيمة في جيشه على يد أسطول الملكيين الموجود في سيللي آنذاك ؛ وذُكر أن هولندا طالبت بتعويض مادي عن بضائعها وسفنها غير أنها لم تصل إلى نتيجة مُرضية ؛ مما جعلها تعلن الحرب في ذلك الوقت على الملكيين .

استطاعت قوات البرلمانيين بقيادة روبرت بلاك بعد وقت قصير من إعلان الحرب أن يُجبر الملكيين على الاستسلام خلال عام 1651م ؛ مما جعل الجيش الهولندي يرحل دون الدخول في حالة حرب حقيقية دون أن يضعوا في اعتبارهم إعلان وثيقة سلمية رسمية ؛ نظرًا لأنهم كانوا قد أعلنوا الحرب على جزء من إنجلترا دون الآخر .

ظلت هولندا في حالة سلم حقيقية مع الملكيين بجزيرة سيللي على مدار الثلاثمائة وخمسة وثلاثون عام ؛ ولكن دون إعلان حالة السلم بشكل رسمي ؛ مما أثار الشائعات حول استمرارية الحرب ووقوع الجزيرة في عراك مع الأسطول الهولندي ؛ ونظرًا لكثرة للشائعات قام عالم التاريخ رودي دلكن الذي كان يرأس مجلس جزر سيللي عام 1985م بمخاطبة السفارة الهولندية بلندن ، وأوضح لهم الموقف وكثرة الشائعات التي تُخبر بأن الجزر مازالت في حالة حرب .

استجابت السفارة الهولندية إلى مراسلة رودي دلكن ؛ حينما تأكدت من صحة الشائعات ؛ مما جعلها تستدعي السفير رين هويديكوبر للذهاب إلى الجزيرة لتوقيع اتفاقية السلام المؤجلة كل تلك الأعوام ، وتم إعلان اتفاقية السلام رسميًا عام 1986م ؛ بعد حالة حرب دامت 335 سنة .

ذكر التاريخ حرب الثلاثمائة وخمسة وثلاثون عام ؛ لتبدو من الوهلة الأولى أنها من أطول الحروب ؛ وبالطبع أول ما قد يأتي في الذهن أنها كانت دموية شرسة نظرًا لطول مدتها ؛ غير أنها اكتسبت اسمها بشكل غير مباشر حيث لم تقم حربًا حقيقية ؛ ولم تحدث أي خسائر بشرية.

من الجدير بالذكر أن تلك الحرب لم تُذكر بموسوعة غينيس للأرقام القياسية ؛ نظرًا لأنها كانت سلمية بلا نزاعات أو اغتصابات أو سفك دماء ؛ فكانت الحرب الأطول والأكثر سلمية في التاريخ .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك