إن تاريخ الحروب في العالم طويل جدًا ، والنزاعات القائمة بين الشعوب والقبائل لا حصر لها ؛ والكل يسعى إلى الوصول إلى مبتغاة دون النظر إلى سفك الدماء ، والاغتصابات ، والتعديات بلا وجه حق .
تُعد الحروب البونيقية من الحروب الهامة في التاريخ القديم ؛ والحروب تشير إلى الثلاثة حروب التي أقيمت بين روما وقرطاج ، وعُرفت باسم البونيقية لأن كلمة قرطاجي كانت تعني بونيقي باللغة اللاتينية ؛ كما أنها ذُكرت بأسماء أخرى مثل البونية ، والفونية .
قامت الحرب في الأساس بسبب تعارض مصالح إمبراطورية قرطاجة ونظيرتها روما ؛ حيث كانت قرطاج آنذاك لها السيطرة القوية على البحر المتوسط امتلكت خلالها إمبراطورية بحرية على نطاق واسع المدى ؛ كما قامت روما بالتوسعات المختلفة ما بين صقلية ، والسيطرة على السلطة داخل إيطاليا .
بدأت الحرب البونية الأولى حينما فقد العمال الإيطاليون في الجيش عملهم بعد وفاة الدكتاتور أغاثوقليس وذلك عام 228ق.
م ؛ مما جعلهم يركضون غاضبين مما حدث ، وقاموا بحكم مدينة ميسينا ، وأطلقوا على أنفسهم لقب “مامرتين” والذي يعني أنهم تابعي لإله الحرب ، وقاموا بمهاجمة صقلية ؛ حتى أتى الدكتاتور هييرون الثاني عام 246ق.
م .
وقام بمهاجمتهم ؛ مما جعل المامرتيون يطلبوا العون من روما وقرطاج ؛ فاستجابت لهم قرطاج وأرسلت جيشا ؛ بينما ظلّت روما تناقش الموضوع ؛ ولكن سرعان ما اتفقت قرطاج مع الدكتاتور هييرون الثاني ؛ مما جعلهم يطلبون مساعدة روما مرة أخرى ؛ وبالفعل استجابت روما تلك المرة لإخراج جيش قرطاج حتى لا يقوموا بتكوين دولة قوية في ميسينا لأنها قريبة من إيطاليا ؛ وبذلك بدأت الحرب البونية الأولى.
لم ينتصر الجيش الروماني في بادئ الأمر ؛ مما اضطره إلى إرسال جيش آخر عام 263ق.
م ، وفيما بعد تحالف هييرون الثاني مع الرومان بعد أن نقض عهده مع قرطاج ؛ فكان النصر حليفًا لروما التي أنشأت أسطولًا بحريًا عظيمًا ؛ فأسقطت صقلية ، وانتهت الحرب بإنتصار الرومان عام 246ق.
م .
وأتت فيما بعد حرب أُطلق عليها حرب الأجراء أو حرب اللاهدنة ؛ لأنها لم تقبل مجرد الحديث عن الهدنة ؛ وبدأت نتيجة استنفاذ القرطاجيون أموالهم التي كانوا يدفعونها للرومان تبعًا لما كانت تنص عليه اتفاقيتهما ؛ مما جعل الرومان يغضبون وأقيمت بينهم الحرب ؛ إلى أن انتصر في النهاية بعد سنوات عدة القائد القرطاجي حملقار برقة ؛ الذي تطلّع بعد نصره إلى احتلال إسبانيا ؛ غير أنه توفي في تلك المحاولة ، وأكمل ابنه المسيرة ولكنه نقض عهد والده مع الرومان بعدم عبور نهر الايبرو ؛ مما كان السبب في حدوث الحرب البونية الثانية .
بعد عبور الجيش القرطاجي نهر الايبرو ؛ كاد أن يحقق الانتصار على روما ، ولكن جاءت محالفة الملك النوميدي ماسينيسا للرومان بمثابة المنقذ لهم ؛ حيث تمت النجاة لروما ؛ كما مُنع الجيش القرطاجي من خوض أي حرب حتى وإن كانت تلك الحرب للدفاع عن النفس .
وجاءت الحرب البونية الثالثة نتيجة هجوم الملك ماسينيسا على قرطاج بشكل متعمد ؛ حيث كان يريد توسيع حدود بلاده ؛ ولكن قرطاج لم تتحمل كثيرًا ؛ فأعلنت عليه الحرب مما جعل روما تعلن هي الأخرى الحرب ضد قرطاج ، ونشبت الحرب البونية الثالثة والتي قضت فيها روما على قرطاج بشكل تام ؛ فلم يعد هناك أي أثر من قرطاج القديمة ؛ بينما تعاظمت إمبراطورية روما في ذلك الوقت.