نشبت الحروب المتعددة بمختلف بلدان العالم ؛ كما اختلفت الأسباب والنتائج والمسميات أيضًا ؛ فكل حرب سُميت باسم يختص بحالة الحرب أو المعركة ؛ حيث قد تُسمى الحرب باسم البلاد أو الأشياء أو الأوصاف ، وقد تبدو بعض أسماء الحروب مثيرة للعجب ، ومن الحروب ذات المسميات الغريبة ؛ حرب كرة القدم ؛ حيث أن كرة القدم بمفهومها كلعبة عالمية ذات أهمية كبيرة حينما تتحول إلى حرب ؛ فإن الأمر يدعو لطرح العديد من الأسئلة .
قامت حرب كرة القدم بين دولتي هندوراس والسلفادور ؛ وكانت مدة تلك الحرب قصيرة ؛ حيث استمرت لمدة ستة أيام فقط ، وقد يعطي اسم الحرب إيحاءًا بأنه متعلق بكرة القدم ؛ غير أن أسباب تلك الحرب كانت أكثر عمقًا من كونها مجرد حرب تتعلق بلعبة كرة القدم ؛ حيث أن أسباب الحرب ترجع إلى القضايا المتعلقة بالإصلاح الزراعي بهندوراس ؛ وعلى الجانب الآخر كانت المشاكل الديموغرافية والهجرة هما جذور الحرب في السلفادور .
كان عدد السكان في السلفادور يبلغ ضعف عدد السكان بهندوراس عام 1969م ؛ على الرغم من أن مساحة هندوراس فاقت مساحة الأراضي السلفادورية بما يعادل خمسة أضعاف .
قام ملاك الأراضي بالسلفادور بالسيطرة التامة على الجزء الأكبر من الأراضي التي كانت صالحة للزراعة ؛ مما أدى إلى هجرة أعداد هائلة من المواطنين بالسلفادور إلى هندوراس ؛ حيث بلغ عدد المهاجرين أكثر من 300.
000 مهاجر ، وأصبح أولئك الذي هاجروا من السلفادور يمثلون حوالي 20% من الفلاحين في هندوراس .
تضاعفت مشكلة البطالة في هندوراس ؛ مما أدى إلى إصدار قانون جديد يختص بالإصلاح الزراعي بهندوراس عام 1962م ، ومنح ذلك القانون الأحقية للبلديات والحكومة المركزية في السيطرة على الأغلبية من الأراضي التي قام المهاجرون من السلفادور باحتلالها بصورة غير قانونية .
تم توزيع تلك الأراضي على المواطنين الأصليين بهندوراس ؛ وحُرم مواطني سلفادور من امتلاك أي أراضي زراعية داخل هندوراس ؛ ثم قامت الحكومة بطرد هؤلاء المهاجرين الذين عاشوا هناك طيلة أعوام كثيرة ؛ مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ؛ حتى قام رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليندون جونسون بالتدخل لإعادة تلك العلاقات التي انقطعت .
ازدادت الكراهية بين هندوراس والسلفادور ؛ وبدأت وسائل الإعلام تعمل على بث الكراهية في نفوس المواطنين من الطرفين ، وتم تصعيد الأمور وتعقيدها ؛ نتيجة ما تقوم به حكومتي البلدين .
بدأت التصفيات الخاصة ببطولة كأس العالم لكرة القدم خلال عام 1969م ؛ وكانت هناك مواجهة قاسية بين البلدين المتنازعين لتحديد الطرف الفائز الذي سيتأهل إلى النهائيات التي كانت ستقوم على الأراضي المكسيكية ، ولعبت هندوراس على ملعبها ؛ وتمكنت من الفوز في المباراة الأولى ؛ وقامت الجماهير من الهندوراس بالاعتداء على جماهير السلفادور .
ازداد الوضع سوءًا ؛ حينما تم الاعتداء على مواطني السلفادور بالأحياء التي كانوا يقيمون بها فترة إقامة المباراة ؛ مما اضطرهم إلى الهروب سريعًا إلى بلادهم تاركين كل متعلقاتهم الخاصة ، وقامت السلفادور على إثر تلك الأحداث بتقديم شكوى إلى هيئة حقوق الإنسان والأمم المتحدة ؛ كما استطاعت الفوز على الهندوراس بعد أسبوع فقط من تلك الأحداث ؛ مما جعل مواطني الهندوراس يحصدون نصيبهم من الهجمات والاعتداءات .
كان موعد المباراة الأخير بين الطرفين في 14 يوليو عام 1969م ؛ والتي تأهلت فيها السلفادور إلى النهائيات ، وفي نهاية المباراة قامت الدولتان بنشر قوات تخصهما على طول الشريط الحدودي ؛ ونشبت الحرب بمهاجمات متبادلة بين الطرفين ، وتدخلت الدول خلال أسبوعين منذ بداية المباريات حتى استطاعوا إنهاء الحرب بين البلدين ؛ والتي أدت إلى العديد من الخسائر البشرية والمادية .