في يوم من الأيام ذهبت فتاة جميلة تدعى مريم إلى رحلة مع مدرستها، وكانت الرحلة إلى أحد المواقع الأثرية في الصحراء بعيداً عن المناطق السكنية، وبمجرد وصول الحافلة إلى مكان الرحلة أخذت كل فتاة تتجول في المنطقة بين التماثيل والآثار العجيبة، وكل فتاة ترسم وتصور كل ما تراه أمامها، وذهبت مريم هي الآخرى إلى بعض الأماكن وبدأت ترسم وتتأمل المناظر العجيبة وفجأة دون أن تنتبه ابتعدت عن الجميع ووجدت نفسها في مكان بعيد لا تعرفه، وسمعت من بعيد صوت المشرفين وهم يتسائلون عن غياب أي أحد ثم صوت الحافلة وهي تنطلق مبتعده عن المكان بعد انتهاء الرحلة اخذت الفتاة تركض وتصرخ محاولة أن تلحق بالحافلة ولكنهم لم ينتبهوا لها وابتعدت الحافلة في طريقها إلى الرجوع .
أخذت تبكي الفتاة وتسير في الغابة وهي خائفة، وعندما حل الليل سمعت صوت الذئاب، ازداد خوفها واخذت تركض حتى وقعت عيناها على كوخ صغير، فرحت واتجهت إليه على الفور فوجدت بداخله شاب، حكت له قصتها وما حدث لها، فدعاها إلى الجلوس والنوم في الكوخ حتى يأتي الصباح ويساعدها في طريق العودة الى المكان الذي جائت منه، فكرت الفتاة قليلاً، كيف ستبيت ليلتها في هذا الكوخ الصغير مع هذا الشاب الغريب عنها، ولكنها عندما سمعت صوت الذئاب من جديد، لم يكن لديها أي اختيار آخر، فوافقت على الفتاة وقال لها الشاب أنها ستنام على الفراش وهو سينام على الأرض .
نامت الفتاة على الفراش وأخذت تراقب الشاب في صمت وهي خائفة كثيراً، فوجدته يقرأ كتاب ثم يقوم فجأة ويشعل شمعة ويطفئها بيده، ظل هكذا طول الليل حتى احترقت جميع اصابعه، والفتاة ترتعد في مكانها من شدة الخوف لأنها ظن أنه من الجن أو أنه ممسوس، وفي الصباح ذهب الشاب معها ووصلها إلى حافلة أخذتها إلى البيت، وعندما وصلت ارتمت في أحضان والدها وأخذت تحكي له كل ما حدث معها وما رأته من هذا الشاب الغامض في الكوخ، تعجب الأب كثيراً وثار فضوله فطلب من ابنته أن تصف له مكان الشاب حتى يقوم بزيارته وسؤاله عن سبب تصرفه العجيب .
وبالفعل وصل الأب عند الشاب ورأي أصابعه ملفوفه بقطع من القماش، فسألة الأب : ماذا حدث لأصابعك ؟ فأجابه الشاب : ليلة البارحة حضرت إلي فتاة ضلت طريقها وباتت عندي الليلة وكان الشيطان كل مرة يأتيني ويوسوس لي فأقرأ كتاباً لعل الشيطان يذهب عني وأشغل فكري، ولكنه لم يذهب فأحرق أصبعي حتى أتذكر عذاب جنهم، وبعد ذلك يأتيني الشيطان من جديد فأكرر ما أفعل حتى احترقت أصابعي كلها، انبهر الأب بتفكير هذا الشاب التقي، فقال له تعالى معي الآن إلى البيت، فلما وصل دعى ابنته وقال : هل تعرف هذة الفتاة ؟ فقال الشاب في ذهول : نعم هذة هي نفس الفتاة التي باتت عندي بالأمس، فقال الأب : هي زوجة لك، وفعلاً تزوجا وعاشا في سعادة وهناء، فانظر كيف أبدل الله عز وجل هذا الشاب الحرام بالحلال لأنه اتقى الله .