كان مالك بن دينار مار بأحد شوارع مدينة البصرة ومرت به جارية ومعها موكب عظيم، فنادى عليها مالك بن دينار وقال لها يا جارية هل يبيعك مولاك، فنظرت الجارية لملابسه البالية وضحكت وقالت ولمن يبيعني هل تملك ثمني لو باعني، ثم رحل الموكب ورحل معهم مالك بن دينار،
وحين وصل الموكب قصر الأمير ذهبت الجارية إلى الأمير تحكي له ما حدث وهي تضحك، ثم سألها الأمير عن ذلك الذي أراد أن يشتريها فقالوا له هو بالباب فقال الأمير أدخلوه.
دخل مالك بن دينار على الأمير فوجده يجلس في غرفة فيها كنبات مريحة وجميلة، فقال الأمير لمالك بن دينار ادخل أيها الشيخ، فقال مالك بن دينار لا والله حتى تخلي مجلسك من هذا المتكأ لأنه يكاد يفتنني في دنياي، فاستجاب الأمير لطلب مالك بن دينار وكان لا يعرفه، ثم جلس الأمير على حصير وقال لمالك ادخل فقال مالك لا والله حتى نجلس على الأرض فوافق الأمير لطلب مالك بن دينار، وبعدما دخل مالك قال الأمير هل تملك ثمن الجارية، قال مالك نعم ، فقال الأمير لو أردت أن أبيعها فبكم تشتريها وكانت الجارية تجلس بجوارهم،
فقال مالك بن دينار بناوتين مسوستين, تعجب الأمير من قول مالك بن دينار فقال له ان ثمن هذه الجارية كذا من الألاف من الدراهم، الا تري محاسنها، فقال مالك بل أنا أعرف عيوبها جيداً، فقال الأمير ومن أين لك تعرف عيوبها، فقال مالك بل أعرف عيوبها اكثر منك انها ان لم تتعطر تغيرت رائحتها وإن لم تستك تغير رائحة فمها وإن لم تمشط شعرها قملت وإن لعمرت وعاشت كثراً هرمت، أما انا فاعرف جاريه لا تحب غيرك ولو ظهر معصمها بالنهار لأظلمت الشمس ولو ظهر باليل لأضاء الكون
فقال الأمير فما ثمن من وصفت.
فقال مالك بن دينار : ثمنها ركعتين في جوف الليل وإذا وضعت طعامك أمامك تذكرت من لا طعام لهم فأثرتهم عليك ، ولتحرك لسانك بذكر الله.
بعد أن سمع الأمير كلامه نادى على الجارية وقال لها أنت حرة لوجه الله ولكي من الحدائق كذا وكذا صدقت عليك، ثم نادى على الخدم وأعتقهم لوجه الله وقال لهم لكم من المال والأنعام والحدائق كذا وكذا صدقت عليكم، وأما هذا البيت فصدقت للمسلمين ، ثم تناول أحد الستائر المعلقة في البيت وخلع ملابسه المزركشة اللينة ولف القماش حول نفسه، فرأته الجاريه فقالت والله لقد تصدقت بكل ما تصدقت علي وخلعت الحرير ولبست الصوف وخرجت معه وتعبدوا الله وتقربوا اليه إلى ان توفاهما الله