يحكي أن قافلة كانت تأخذ طريقها من البصرة إلى بغداد وكانت تضم نحو 150 جملاً محملة بالبضائع من مختلف الأنواع وبها العشرات من التجار، وبها أيضاً العشرات من المسافرين الذين انضموا للقافلة، وعندما وصلت القافلة إلى مكان ظليل توقفت لأخذ قسط من الراحة ولما كان التعب والإرهاق قد نال من الجميع فقد ناموا ثم استيقظوه بعد فترة فإذا أحد التجار يصيح: كيس نقودي. . كيس نقودي. . لقد سرقت نقودي.
فتجمع القوم حوله يسألونه عن الواقعة، فقال لهم: ربطت حصاني إلى هذه النخلة ووضعت فراشي في هذا المكان وتناولت شيئاً من الطعام، كما فعلنا جميعاً ووضعت كيس النقود تحت رأسي وعفوت قليلاً وعندما استيقظت لم أجد كيس النقود، فسأله أحدهم: وكم كان من المال به؟ قال التاجر: كان به نحو ألف دينار ذهبي، قال التاجر: لا عليك سنذهب إلى قائد القافلة لنخبره. . فذهبوا إلى قائد القافلة وأخبروه بالواقعة فقال لهم: لن نبرح المكان ولن يترك أحد القافلة حتى نجد المال المسروق، فقال أحد المسافرين: فلنفتش الجميع، ورد عليه آخر: كلنا نحمل دنانير ذهبية والدنانير الذهبية كلها متشابهة، قال ثالث: تعرف المسروقات من شكل الكيس فلابد أن التاجر يعرف شكل كيسه، قال الرابع: ربما أخذ اللص الكيس فألقاه بعيداً واحتفظ بالدنانير الذهبية لأن الكيس يمكن التعرف عليه اما الدنانير فلا يمكن تمييزها.
فقال لهم قائد القافلة: انصرفوا ودعوني أجهز حبل الاعتراف، فعجب الجميع من ذلك فلم يكن أحد منهم قد سمع قبل ذلك بشيء اسمه حبل الاعتراف، ولما سألوه عن معنى ذلك قال لهم: اذهبوا الآن وسترون معني حبل الاعتراف. . انصرفوا وهم في غابة العجب فعاد قائد القافلة إلى خيمته فنصبها واخذ يجهز بها بعض الأشياء ثم استدعاهم جميعاً وقال لهم: انظروا جميعاً إلى هذه الخيمة، فنظروا إليها. . فإذا بها خيمة عادية، فقال لهم: هذه الخيمة مظلمة بالداخل وبها حبل مشدود من أول الخيمة لآخرها، هو حبل الاعتراف وسيدخل كل منكم الخيمة ويمسك الحبل بيده ويسير حتى الجهة الأخرى من الخيمة ويده على الحبل وهو يقول أقسم أني لم أسرق كيس الدنانير، فسألوه: وماذا في هذا؟ فقال لهم: هذا الحبل يفرق بين اللص والبريء فإذا امسكه البريء لم يمسه بسوء وإذا أمسكه اللص التف على جسمه وقيده.
فدخلوا جميعاً وخرجوا فقال لهم قائد القافلة: اروني يديكم فرفعوا أيديهم فإذا اكفهم سوداء ماعدا واحد فيهم فقد لوث قائد القافلة الحبل بالهباب الأسود دون أن يعلموا فامسك الجميع بالحبل دون خوف ما عدا اللص الذي لم يتجرأ علي الإمساك به خوفاً من أن يلتف حول جسده، وهكذا علم الجميع من السارق الذي اعترف بفعلته ورد النقود إلى صاحبها.