قصة من التراث الشعبي الفلسطيني : بائع الكلام


يحكى انه في يومٍ من الأيام خرج شاب من بيته عازماً على البحث عن عمل كونه طرد من عمله مؤخراً و كان يحمل في جيبه 6 قروش فقط ، و فجأة وجد نفسه واقفاً أمام متجر لا تعرض في واجهته اي بضاعة فدخل إليه بدافع الفضول ووجد التاجر جالسا و امامه ميزان موضوع.

فسأله الشاب:ماذا تبيع ؟

فاجابه التاجر: ابيع الكلام.

فسخر منه الفتى في نفسه ، فهل الكلام حقا يباع!!؟ و لكن فضوله دفعه ليكتشف فقال له: اعطني كلمة.

فرد التاجر و هو يحرك رأسه: لكل شيء ثمن حتى الكلام .. و اردف قائلاً: ثمن الكلمة قرشين.

فدفع له الشاب قرشين فقال له التاجر: { من امنك لا تخنه و لو كنت خائناً }.

تمعن الشاب في هذه الكلمة فوجدها جميلة و استفاد منها ، فدفع له قرشين اخرين طمعاً في كلمة جديدة ، فقال له التاجر: { اتق الله اينما كنت فمن يتق الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً }.

نالت هذه الكلمة أيضاً إعجاب الشاب فدفع اخر قرشين يملكهما للحصول على اخر كلمة.

!@!
فقال له التاجر:{ ليلة الحظ لا تفوتها }.

ولكن لم تعجب هذه الكلمة الشاب و لكنه احتفظ بها لعلها تفيده في الايام القادمة.

خرج الشاب من المتجر مكملاً بحثه عن العمل و صادف ان مر بطريقه على مصنع للصابون يمتلكه باشا فطلب الشاب من الباشا العمل ، فوظفه فوراً ، و استمر الشاب يعمل بجد حتى اكتسب ثقة و احترام الباشا و اعتبره ابناً له بحكم عقمه.

مرت الأيام و جاء موسم الحج فطلب الباشا من الشاب ان يهتم ببيته و زوجته كثيراً بحكم بقاءها لوحدها ، و بعدها سافر الباشا إلى الحجاز.

وفي ليلة من الليالي دعت زوجة الباشا الشاب و طلبت منه ان يفعل معها الفاحشة وإلا صرخت و قالت بأنه كان ينوي الاعتداء عليها ، و الذي يعني اعدامه حتى الموت.

فجأة تذكر الشاب النصيحة التي اشتراها بقرشين: { من آمنك لا تخنه و لو كنت خائناً } و تذكر الكلمة الاخرى : { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } فطلب منها السماح له بالدخول للحمام ، و عندما دخل الشاب دعا الله بأن ينجيه من هذه المصيبة ففتح له الله ثغراً في الحائط و هرب منه.

انتهى موسم الحج ، و قفل الباشا راجعاً لبلاده و استقبله الناس استقبالاً عظيماً ، و لكنه افتقد الشاب و لم يجده فغضب و عزم على عقابه. و لما رجع للبيت اخبرته زوجته أن الشاب حاول الاعتداء عليها فزاد ذلك من شدة غضبه فأمر عمال المصنع بتسخين قدر كبير من الزيت و إلقاء آخر شخص يدخل المصنع فيه، و أخبر الباشا زوجته بالأمر ففرحت لأنها كانت تريد بشدة التخلص من الشاب.

وكان الشاب سيدخل المصنع متأخراً ككل يوم ، و لكن قبل وصوله الى المصنع مر عليه موكب زفاف ، فتذكر الكلمة الثالثة : { ليلة الحظ لا تفوتها } ، فذهب مع الزفة واستمر الموكب طوال الليل فنام معهم.

في تلك الاثناء دخلت زوجة الباشا الى المصنع لترى موت الشاب و تشمت فيه ، و بحكم دخولها كآخر شخص تم القائها في الزيت تنفيذاً لأوامر الباشا.

في الصباح آتى الباشا و علم بمصير زوجته ، فأمر بإحضار الشاب الذي قص عليه كل ما حصل ، فعرف الباشا الحقيقة و قال للشاب : "انت بريء و الله تعالى هو الذي انجاك و هذا المصنع هدية مني إليك على امانتك و عفتك".

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك