تختلف الأساطير وقصصها من دولة إلى أخرى ، ومن ثقافة شعب لشعب آخر ، إلا أن المعتقدات بشأن وجود الأرواح والأشباح ، ترسّخ في وجدان الشعوب كافة ، ولكن تمت صياغة قصصها بطرق مختلفة وفقاً لهوية كل شعب على حدا ، وقطة نورهولت واحدة من الأساطير الخرافية التي يؤمن بها وبقصتها شعب السويد .
في مزرعة نورهولت بقضاء رامسكولا الواقعة في مقاطعة سمالاند ، كان السكان في الأزمنة القديمة يعانون كثيراً من مضايقات الترول والأشباح ؛ والترول هم قزم أو جبار خرافي يسكن الكهوف ، أو يقيم تحت الأرض في الأساطير الاسكندنافية ، وقد وصل الأمر إلى حد لا يحتمل ، مما اضطرهم إلى هجر منازلهم ووطنهم واللجوء إلى جيرانهم ، تاركين وراءهم رجلاً طاعناً في السن ، لم يستطع الانتقال مع الآخرين بسبب ضعفه ووهنه .
بعد فترة من الزمن وفي إحدى الأمسيات ، جاء إلى المسن رجل معه قطة ، وطلب منه استضافته ، فوافق المسن ولكنه أبدى شكوكه حيال مقدرة الضيف على تحمل المضايقات المحتمل حدوثها خلال الليل ، لكن الضيف أكد له أنه لا يخشى الضجة ، ثم استلقى بالقرب من سرير الكهل والقطة إلى جانبه .
لم تمضِ سوى ساعات قليلة حتى جاءت جماعة من الترول إلى الكوخ ، وبدأت جلبتها المعتادة ، فقام بعضهم بوضع الحطب في الموقد ، ووضع آخرون القدر فوق النار ، فيما ألقى بعضهم في الإناء خليطاً من السحالي والضفادع والديدان وما شابه .
عندما نضج الطعام ، أُعدت المائدة وجلس الترول لتناول وجباتهم ، فرمى أحدهم بدودة إلى القطة وقال : ستأكلين سمكاً أيتها القطة ، ثم ذهب آخر إلى صاحب القطة وسأله ما إذا كان يرغب في بعض طعامهم ، فقام الأخير بإطلاق القطة ، التي أخذت تنهب الأرض بقوة ، فأخذ الترول يتدافعون ويتطايرون عبر الباب .
بعد فترة من ذلك ، فتح الباب ثانية ودخل منه ترول ذو فم كبير جداً ، فقال صاحب القطة: اهجمي عليه ، فسارعت القطة بمطاردته وإبعاده ، في الصباح جمع الغريب سكان القرية من حوله ، وطلب منهم رفع صليب فوق المزرعة ، وحفر صلوات على جبل الصليب الذي يسكنه شعب الترول ؛ لأن ذلك سيخلصهم من زوراهم المزعجين .
وبعد ذلك بسبع سنوات ، ذهب أحد سكان نورهولت إلى نوركوبينج ، وفي طريق عودته التقى رجلاً سأله عن المكان الذي جاء منه ، وعندما عرف الإجابة ادعى بأنه من الجوار ، ودعا الفلاح ليركب معه على ظهر حصانه الأسود ، الذي أخذ يخب مبتعداً بهما على طول الطريق ، حسب ما افترضه الفلاح أن يسقط عنه .
فقال الفارس : حسناً فعلت أنك تمسكت جيداً ، لقد كانت تلك قبة كاتدرائية لينكوبينج ، التي تعثر بها الحصان ، اسمع قبل سبع سنوات زرت نورهولت ، وكان لديكم حينذاك قطة شرسة ، أما زالت تلك القطة حية ؟ أجاب الفلاح : نعم ، وبات لدينا الكثير غيرها ، وبعد مضي بعض الوقت أوقف الفارس حصانه ، ثم طلب من الفلاح الترجل ، عندها نظر الفلاح من حوله فوجد نفسه في جبل الصليب بالقرب من قريته ، وبعده جاء ترول آخر إلى كوخ الفلاح وسأله إذا كانت تلك القطة الشرسة لا تزال حية ، فأجابه الفلاح: انظر إنها تستلقي هناك بالقرب من الموقد ، وقد أنجبت سبع قطط صغيرة ، جميعها أكثر شراسة منها ، فخاف الترول وأسرع نحو الباب ، ومنذ ذلك الوقت لم يأت أي من أبناء جنسه لزيارة نورهولت .