الكتاب خير جليس ، والقراءة غذاء للروح ، هكذا هو المعلوم بالنسبة للبشر ، وهناك من يسعى إلى التعلم والتدبر والتأمل من خلال القراءة ، وهناك من لا يهتم بها على الرغم من مدى علمه بقيمتها ، ولكن هناك من استطاع تحويل حبه إلى القراءة إلى مشروع كبير ، حيث حقق من خلاله تقدماً في عالم القراءة من خلال تطوير بعض الأساليب التي تعمل على جذب القارئ ، ومن هنا تأتي قصة شاب من المملكة يُدعى “نايف الرزيق” الذي أسس متجراً للكتب تحت عنوان “بوك تشينو”.
رحلة في القطار : لقد لعبت الصدفة دوراً رئيسياً في حياة نايف ، حيث أنه كان متجهاً ذات يوم إلى المنطقة الشرقية ، غير أن سيارته تعطلت قبل بدء رحلته ، وهو ما جعله يبحث عن وسيلة سفر سريعة ، ولكنه لم يجد تذاكر طيران متوفرة في ذلك الوقت ، وهو ما جعله يلجأ إلى القطار في أول رحلة متجهة إلى الدمام .
كان نايف يصطحب معه صديقه الكتاب ليمارس هوايته التي يحبها كثيراً ، غير أن الأمور لم تمض على ما يرام ، حيث أن العربة المجاورة له كانت تعج بالأطفال الذين تسببوا له في الإزعاج نتيجة لأصواتهم المرتفعة ، حتى تشتت فكره ولم يستطع أن يُكمل القراءة ، فحمل حقيبته الصغيرة واتجه إلى هؤلاء الاطفال ومن معهم ، ثم بدأ في توزيع بعض الهدايا عليهم .
كانت الهدايا التي قدمّها نايف إلى الأطفال والكبار عبارة عن مجموعة من الكتب ، وبعد دقائق شعر نايف بالهدوء يعم أرجاء المكان ، حيث أن الجميع قد انشغل بالقراءة ، ومن هنا بدأ في التفكير في مشروع تطوعي ثقافي يهدف إلى نشر ثقافة القراءة بين كافة الناس ، وهو ما جعله يبدأ في تأسيس موقع على “انستغرام” يعمل على طرح كتاب مقروء بين متابعيه .
بوك تشينو : بعد مرور عامين من عمل نايف في عالم الإنترنت ؛ وصلته العديد من الاقتراحات والمطالبات بتأسيس مكتبة حقيقية لتقديم الكتب إلى الناس ، وبالفعل قام نايف بتنفيذ مشروعه بإنشاء مكتبة “بوك تشينو” خلال عام 2011م في الرياض ، حيث شاركه في تأسيس تلك المكتبة بعض أصدقائه المحبين للقراءة .
واجه نايف بعض الصعوبات والتحديات حينما شرع في تنفيذ مشروعه ، حيث لم يكن لديه الدعم المادي الكافي آنذاك ، ولم يقتنع بعض التجار بتلك الفكرة لأنها غير مربحة بالنسبة إليهم ، لكنه تمكن من تخطي تلك العقبات التي لم تعرقله ، ومضى في مشروعه الذي حقق من خلاله نجاحاً مميزاً .
العمل المتميز : بعد أن أنشأ نايف مكتبة “بوك تشينو” ؛ عمل على تطوير فكرة طرح الكتب ، حتى يستطيع جذب الناس إلى عالم القراءة ، حيث عمل على تقديم محتوى الفكرة الأساسية الخاصة بكل كتاب مطروح ، وذلك من أجل تقديم الدعم للقارئ المبتدئ ، وبذلك يتمكن من تحديد مستوى الكتاب لكل قارئ .
تمكن نايف من تحويل فكرة القراءة إلى متعة لكل من يقرأ ، حيث قام بتقديم شروحات للكتب الموجودة لديه ، كما أنه عمل على استضافة الكُتاب والمؤلفين في مكتبته ، ليكون هناك تواصل بين الكاتب والقارئ بشكل مباشر ، كما أنه سعى إلى التواصل الدائم مع زبائنه من خلال شبكات التواصل الإجتماعي .
لقد وصل نايف إلى تحقيق حلم راوده بالصدفة ، حيث أنه تمكن من تحويله إلى واقع ملموس من خلال مشروع القراءة الذي بدأه لتحقيق أحلام القراء ، والذي لقى مردوداً إيجابياً كبيراً في جميع أرجاء المملكة .