يعرف جميعنا الشبح بأنه روح ، تتجول هائمة بعد موت صاحبها ، ولكن الكثيرون منا قد لا يؤمنون بوجود الأشباح ، ليس هذا لانغلاق عقولهم وعدم إيمانيهم بالغيبيات ، وإنما الموت بالنسبة للكثيرين منا ، لا يعني سوى السير في اتجاه واحد فقط . ألا وهو أن الروح التي تغادر جسد صاحبها ، لا يمكنها العودة إلى عالم الحياة مرة أخرى ، في حين نؤمن جميعًا أو يؤمن أغلبنا بوجود الجن ، وهي كائنات في عالم مواز ليس لها علاقة بأجساد ماتت ، وإنما خلق مستقل ذاته لا يمت للبشر بصلة ، ولعل قصتنا تلك تروي عن حياة الأشباح بصورة مختلفة ، ويمكن تفسيرها من زوايا متعددة . في أحد الأيام من عام 1942م ، جلس رجلان على أحد أرصفة محطات القطار السريع ، في إحدى المحطات النائية بعض الشيء ، في آيرلندا وكانت تقع خلفهما ، غرفة مبنية من الجار الأحمر ، ولا يوجد أثر لمخلوق سواهما ، كانت المحطة خالية تمامًا وأحد الرجلين جالس ، يتصفح إحدى المجلات ، بينما ظهرت ملامح القلق على وجه الجليس الآخر ، وهو ينظر في ساعته وبصره متعلق برصيف المحطة ، ينتظر وصول القطار بين الفينة والأخرى . فجأة وبدون سابق إنذار ، سمع الرجلان صوت بكاء ونحيب وآهات مكتومة ، نظرا إلى بعضهما في خوف وقلق واضح ، وسأل أحدهما الآخر هل سمعت شيئًا ؟ فأجابه الآخر أن نعم ، واقترح أن الصوت ربما يكون آتيًا من الغرفة الواقعة خلفهما ، نهض الرجلان وفتح أحدهما باب الغرفة .
ليجدها فارغة تمامًا وليس بها سوى بضعة مقاعد ، ومنضدة خشبية قديمة فقط ، فنظر كلاهما للآخر نظرة ذات معنى ، وبينما هما كذلك إذا بصوت صفير القطار قادم من بعيد ، معلنًا اقترابه من المحطة ، فوقفا بانتظاره متلفهين على مغادرة تلك المحطة الغريبة والمخيفة . اقترب صوت القطار أكثر ، وبدأ يتصاعد حتى سمعا صوته وهو يقف داخل المحطة بالفعل ، وسمعا أصوات الراكبون وهم يصعدون ويهبطون ، وأصوات أحاديثهم كلها ، ليطلق القطار صفارته مرة أخرى ، ويودع المحطة لينظر الرجلان في دهشة إلى بعضهما ، فمن بين هذا الكم من الأصوات والضجيج ، لم يشاهدا القطار ولا يعلم سوى الله ، مصدر تلك الأصوات التي سمعاها . انطلق الرجلان المرعوبان نحو مسئول المحطة العجوز ، ليخبراه بما حدث معهما فقال لهما العجوز وهو يرتشف كوب الشاي الساخن ، بأنه لم يسمع أي صوت لأي قطار ، وأن هذا الوقت ليس هو موعد وصوله على العموم ، ولكن منذ عام وقف أحد الأشخاص أمام القطار ، ليصاب بجروح خطيرة ولكنه لم يمت على الفور ، وتم نقله إلى الغرفة المغلقة على الرصيف ، ويتم وضعه فوق المنضدة هناك ، ليظل يبكي ويتأوه حتى فارق الحياة . القصة الحقيقية : يقال أنه بالعاصمة السويدية ، يوجد ما يعرف بالقطار الشبح ، والذي تم تصنيعه بالسويد باللون الفضي ، ويشتهر باسم السهم الفضي ، هذا القطار بمجرد الانتهاء من تصنيعه توقف خط إنتاجه ، ليكون هو القطار الوحيد من نوعه في ستينيات القرن المنصرم . ويروي البعض بأن هذا القطار بمجرد تشغيله ، وقع حادث أليم حيث اصطدم بقطار آخر ، وتسبب في وفاة العشرات من الناس في المحطة بذلك اليوم ، فتم إخراجه من الخدمة وإغلاق المحطة التي شهدت الحادث . وظلت على هذا الحال حتى يومنا هذا ، وهي تعرف حاليًا باسم محطة الموتى ، ويروي العامة أن هذا القطار يظهر في المحطة في ساعة متأخرة من الليل ، وويل لمن يركبه في تلك الساعة ، حيث يظهر به أشباح لركاب مجهولة ، ومن يركبه فإنه لن يعود ثانية ، وإذا ما عاد إلى نفس المحطة ثانية يكون قد سافر إلى الموتى ، وعاد بعد غيبة طويلة ، تكون قد مرت عليها سنوات طويلة .