مــا حـكــي أن رجـلاً حـلــف ألا يـتـزوج حـتــى يـكــتـُـب حـيـل الـنـســاء ومــكـرهـُــن . فـاسـتعــد للـســفـر .. وأخــذ مـا يـحـتــاج إليه ..
وســار يـطـلـب الـبـلاد حـتــى يـكـتــب حـيــل النـســاء ..
فـكــتـب فــي ذلـك مـجــلـدات كثيرة , وانـصــرف راجـعــاً إلـى بــلــده وأهــلـه . فـبـيـنـمــا هــو ســائِـر وهــو فــرحــان بـبـلــوغ أُمـنـيـتـــه , وقـضــاء حــاجـتــه ,
فــوصــل قرية مــن قُــرى الـعــرب , وفيـهـا أمـيــر كـبـيــر مــن أولاد عـيـســى بــن مهنا ..
وكـان الـرجــل بـيـنــه وبـيـن الأمير مُــصــادقــه , فـسـلم علـيــه الأمير, وإسـتخـبــره عــن غـيـبتــه فـأخـبــره بـمــا قـصــده , وحـصــل عـليــــه فـتـعـجــب الأمير مــن ذلـك , وحـلــف عـلـيــه أن يـبـيــت عـنـــده ,
وقـال : إن عـنـدنـا الليلة أضـيــاف أُمــراء
هـــذه الـبـلاد أعـمــامــي , وأنــت الليلة بــائــتُ عـنــدي
كـي تُـحــدثـنــي عــن هــذه الـكـتــب التـي نـسـخـتهـا .
فـنـزل الـرجـل عـنــده , ودخـل بــه الأمير عـلــى زوجـتــه , وأمــرهـا بـضـيــافـتــه , وإكــرامــه ثُـم خــرج إلـى أضــيــافــه .
فـقــالــت لـه الـمــرأة : مــا هــذه الـكُـتـــب الـتــي مـعــك ؟
فـأخـبـرهـا وقــال : كُـتــب فـيـهــا حـيــل الـنـســاء .
فـقـالـت لــه : وهــل كـتـبـت حيـل النـسـاء كلـهـا ؟
فـقــال لـهــا : نـعــم .
فـتـبـسـمــت عـجـبــاً , ثُــم ضـحِــكــت طـربـاً , فـلـمــا رآها هــكـذا , إحـتـوت عـلـى جميــع قـلبــه ,
فـقــالـت لــه : أنـتُـم يـا أهــل المُـدن كـمـلتـم فـي كُـل فـضــل وفـضيـلــه بـإمكـان وإتــقــان , إلا أنكم مـالـكـم عـلــى الـسِــر كُـتمــان .
فـقــال لـهــا وقــد أخــذت بـمـجــامــع قـلبــه : مـا مـعـنــى كـلامــك ؟
فـقــالــت لــه : إنــي مُـبــيـنه إلـيــك بـســر , فـلا أسـمعــهُ مــن أحــداً غــيــرُك .
فـقـال لـهـا : ومـا هــو ؟
فـقــالــت : أعـلـم أني شــابــه , وأن زوجــي هــذا رجُــل شــيـخ ,
فـهــل لـك أن تـأتــي لـيــلاً .؟
فـقــال لـهــا : وقــد طــار عـقــلـه فــرحــاً وشـــوقــاً : يـا أمـيــرة الـعــرب قــد شــوقــت الـخــواطــر , وأتـعـبــت الـنــواظــر , فلـمـا كــان الـمـســاء وجــاءهــا فـي بـيـتـهـــا .
قـالــت لــه : يــا خــوان , هــكـذا تـدخــل بـيــوت الـعـربــان ,
أتُــريــد الآن أن أصــرخ الساعة صرخة تــدخُــل عـليــك العــربــان , ويـجـعـلـون أكـبــر قـطـعــه فـيــك قــدر شـحـمــة أُذنـيــك ؟ .
فـلـمــا سـمــع كـلامـهــا , وعــايــن فـعـلـهــا ,وجــف ريـقــه ,
وأيـقــن بـالـمـوت .
فـقــال : يـا سـيـدة الـعــرب .. الجيرة أرجــوك .
فـقـالـت لـه : لا أجــارك الله , أتـزعــم أنــك كـتـبــت حِـيــل النـسـاء ومــكرهُـــن ؟ والله لـو عـشـت عُـمــر نــوح , وكـان مـعــك مــال قــارون , وصـبـرت صـبـر أيــوب , مـا حـصــرت عُـشــر مـعـشــار مـا للـنـســاء
مـن المـكــر والـدهــاء ,
ألا يــا جــاهــل تـمــنـــى كيـف تـمــوت ,فـمـا قــدر أن يـنـطُــق ,
وتـحـقـق بـالـمــوت , فـتـضــرع إليـهــا وبــكــى ,
وقـال : يــا سـيــدتـــي أنــا تــائــب إلى الله تـعــالــى عـلــى يــدك , فأطلقيني واجـعـليـنـــي مـن بـعــض عُتــقــائــك ,
فـقـالـت لـه : لابُـد مـن تـلـف روحـك.
ثُـم إنها صــرخــت صرخة , فـأنـفـتـح البـاب , فـمـات الـرجــل فـي جـلــده , وأُغـمــي عـلـيــه وعـنــد ذلـك قـامـت أســرع مــن الـبــرق ورفـســته بـرجـلـهــا فـوقــع عـلــى وجـهــه بـإزاء الـطـعــام مـغـشـيـاً عليــه ..
فـدخـل زوجـهـا .
وقـال لـهـا : مـا هــذه الصرخة ؟ مـا حــال ضـيـفــي ؟
فـقــالـت عـلــى الـفــور أتــى بالطـعــام فـأكـلـه
فـغــص بـلُـقـمــه , فـخـفــت عليـه أن يـمــوت , فـصــرخــت ثُـم رفـسـتـه فـوقـعـت اللقمة , ثُــم زالــت الغصة وهــذه قـصـتــي مـعــه , ثُـم رشــت المـاء عـلــى وجــهــه ,
فـفـتــح عـيـنــه ,فـاسـتحــى مــن صــاحــب المــنزل .
فــأقـبـلــت المـرأة عـلــى الـرجــل وهــو لا يــصــدق بالحياة .
وقــالــت لــه : هــل كـتـبــت مـثـل هـذه فــي كُــتـبــك يــا بـطـال ؟
فـقــال لـهــا : لا والله إنــي تـائــب عـلــى يــديــك , مــا بـقــيــت أكـتُــب شـيـئــاً عــن حـيــل الـنـســاء ..!!!!
ثُــم قــام ورمــى جـمـيــع الـكُـــتــب فــي الـبــحـر
وذهــب إلى حـــال سـبـيــلــه .,,..!!