من المنقول أن لقمان الحكيم كان عبداً نوبياً أسود, وقد أعطاه الله تعالى الحكمة, وكان لرجل من بني إسرائيل اشتراه بثلاثين مثقالاً ونش "يعني نصف مثقال " وكان يعمل له وكان مولاه يلعب بالنرد يقامر عليه وكان على بابه نهر جار .
فلعب يوماً بالنرد على أن من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النهر كله أو افتدى منه ,وإن هو قمر صاحبه فعل مثل ذلك
قال : فقمر سيد لقمان ---- فقال له القامر :اشرب ما في النهر والا فافتد منه
قال :فسلني الفداء
قال:عينيك افقؤهم "اي افقعهما والفقع للعينين والقطع للأذن والأنف " أو جميع ما تملك ,قال :امهلني يومي هذا
قال:لك ذلك.
قال :فأمسى كئيباً حزيناً إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة على ظهره,فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده , وكان سيده إذا رآه عبث به ويسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه
فلما جلس قال لسيده : مالي أراك حزيناً فأعرض عنه .
فقالها ثانية وثالثة فأعرض عنه ثم قال لقمان "عليه السلام" أخبرني فلعل لذلك عندي فرجاً فقص عليه القصة .
فقال له سيدنا لقمان : لا تغتم فإن لك عندي فرجاً قال:ماهو ؟
قال إذا أتاك الرجل فقال لك اشرب ما في النهر فقل له :أشرب ما بين ضفتي النهر أو المد ؟
فإنه سيقول لك :ما بين الضفتين فقل له :احبس عني المد حتى أشرب ما بين الضفتين ,فإنه لا يتسطيع أن يحبس عنك المد وتكون قد خرجت مما ضمنت له فعرف سيده أنه صدق ,فطابت نفسه
فلما أصبح جاءه الرجل فقال له :فِ
بشرطي "أصلها في أي أوفي بشرطي"
قال له :نعم أشرب ما بين الضفتين أو المد ؟
قال: لا بل ما بين الضفتين ,قال :فاحبس عني المد .قال :كيف أستطيع؟
قال :فخضمه "أي أفحمه وأسكته " فأعتقه مولاه.
من كتاب الاذكياء لابن الجوزى