ركب السلطان جلال الدولة يوماً إلى الصيد، فلقيه سوادي يبكي: فقال: ما لك؟ قال: لقيني ثلاثة غلمان فأخذوا حمل بطيخ كان معي، هو ما أملك، وهو بضاعتي! فقال له: امض إلى العسكر، فهناك قبة حمراء، فاقعد عندها، ولا تبرح إلى آخر النهار، فأنا أرجع وأعطيك ما يغنيك، فلما عاد السلطان، قال للشرابي “مقدم الشراب”: قد اشتهيت بطيخاً ففتش العسكر وخيمهم لعلك تجد شيئاً من ذلك، ففعل الشرابي، فوجد البطيخ، فقال: عند من رأيتموه؟ فقيل: في خيمة الحاجب فلان، فقال: أحضروه، فأحضر، فقال له: من أين لك هذا؟ قال: الغلمان جاءوا به،
فقال: أريدهم الساعة.
فمضى وقد أحسوا بالشر فهربوا خوفاً من أن يقتلهم، وعاد فقال: قد هربوا لما علموا أن السلطان يطلبهم، فقال: أحضروا السوادي، فأُحضر، فقال له: أهذا الذي أخذ بطيخك منك؟ قال: نعم، قال: خذه، وهذا الحاجب مملوك لي، وقد سلمته إليك، ووهبته لك، حين لم يحضر الذين أخذوا بطيخك، والله لئن خليته لأضربن عنقك، فأخذ السوادي بيد الحاجب فأخرجه، فاشترى الحاجب نفسه من السوادي بثلاثمائة دينار، قال: ورضيت؟ قال: نعم، قال: اقبضها، وامض راشداً.