ما نقل عن عبدالله بن عامر الأزدي في الاحتيال للسلامة من سيل العرم :حدثنا الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه قال :لقد كان لسبأ في مسكنهم آية ,قال كانت لا تنقطع عنهم جنتهم شتاءً ولا صيفاً فكفروا ما أنعم الله به عليهم فأرسل الله عليهم سيل العرم فسلط على الردم الذي بنوه على غير شربهم جرذا له مخاليب وأنياب من حديد فأول من علم بذلك هو عبدالله بن عامر الأزدي فانطلق نحو الردم فرأى الجرذ يحفر بمخاليب من حديد ويقرض بأنياب من حديد
,فانصرف إلى أهله فأخبرهم وأراهم ذلك وأرسل إلى بنيه فقال:هل ترون ما رأينا؟ قالوا:نعم. قال:فإن هذا الأمر ليس لنا إليه سبيل اضمحلت الحيل فيه لأن الأمر لله وقد أذن في هلاكه فأتى بهرة* والجرذ يحفر غير مكترث بها فلما رأت الهرة ذلك ولت هاربة فقال عبدالله:احتالوا لأنفسكم. قالوا: يا أبت كيف نحتال ؟ قال : إني محتال لكم بحيلة قال :فدعا أصغر بنيه ثم قال له: إذا جلست اليوم في المجلس وكان الناس يجتمعون إليه وينتهون إلى رأيه فإذا اجتمعوا أمرت أصغركم بأمر فليغفل عنه فإذا شتمته فليهم ليلطمني ولا تتغيروا أنتم عليه فإذا رأى الجلساء أنكم لم تتغيروا على أخيكم لم يجسر عليه أحد أن يتغير عليه, أحلف أنا عند ذلك يميناً لا كفارة لها أن لاأقيم بين أظهر قوم قام إلي أصغر بني فلطمني فلم يتغيروا عليه فقالوا:نفعل.
فلما راح الناس إليه أمر ابنه ببعض أمره فلهى عنه ثم أمره فنهى عنه فشتمه فقام إليه فلطم وجهه فعجبوا من جرأة ابنه وظنوا أن ولده سيتغرون عليه ,فلما لم يتغير منهم أحد قام الشيخ فحلف أن يتحول عنهم ويستبدلوا بداره فلا يقيم بين أظهري القوم لم يتغيروا على ابنه فقام القوم فقالوا: أما كنا ظننا أن ولد لا يتغيرون ,فذلك الذي منعنا .
قال:قد سبق مني ما ترون وليس إلى غير التحويل سبيل فعرض ضياعه على البيع واكن الناس يتنافسون فيها واحتمل بثقله وعياله فتحول عنهم فلم يلبث القوم إلا قليلاً حتى أتى الجرذ على الردم فاستأصله ,فلم يفاجئ القوم ليلة بعدما هدأت عيونهم إذا هم بالسيل قد أقبل ,فاحتمل أنعامهم وأموالهم وخرب ديارهم.