يُضرب هذا المثل في الرجل الصالح حين يسقط السقطة ، وشُبه الرجل هنا بالجواد لأصالته فهذا ينم عن صلاحه وعلو شأنه ، ويقال أن أول من قال هذا المثل ابن القرية حينما دخل على الحجاج فأخذ يوبخه ؛ لأنه خرج عليه مع ابن الأشعث ولكن ابن القرية أقنعه ببليغ القول أنه لما خصه بالحمد والثناء ، شد بالوثاق وضيق عليه الخناق وتلألأت فوقه السيوف ، فعذره الأمير وأرسله إلى هند ليطلقها في كلمتين اثنتين
فذهب إليها قال لها : إن الأمير يقول لك كنت فبنت ، فقالت : والله ما فرحنا به إذا كان ولا حزنًا عليه إذا بان ، وبعدها انصرف ابن القرية إلى الحجاج فطلب منه خطبة يخطبها في الناس ، ولما انتهى قال له كيف رأيتني ؟ فأجاب ابن القرية قائلًا : رأيت الأمير خطيباً مصعقاً ، فقال له الحجاج لتخبرني كيف ؟فقال : رأيت الأمير يشير باليد ، ويكثر بالرد ، ويستعين بأما بعد ، واستكمل ابن القرية حديثه قائلًا : إن رأيت أن تأذن لي بكلمات أتكلم بهن يكن بعدي مثلاً ، قال : هاتهن، قال : أيها الأمير ، لكل جواد كبوة ، ولكل شجاع نبوة ، ولكل كريم هفوة ، ثم أنشأ يقول :أقلني أقلني لا عدمتك عثرتي … فكل جواد لا محالةً يعثر
لعمري لقد حذرتني ونعيتني … وبصرتني لو أنني كنت أبصر
ليالي سهامي في اليدين صحيحة … ألا كل سهم مرةً يتكسر
وأحسن ما يأتي امرؤ من فعاله … تجاوزه عن مذنب حين يقدرولهذا المثل قصة تعبر عن معناه فقد حدث أن سقط حصان لمزارع في بئر جاف ، فحاول المزارع إخراجه ولكن دون جدوى ، فقد كسرت ساقه ولم يقوى على الخروج ، فقال المزارع في نفسه الحصان عجوز وتكلفة إخراجه من البئر ستوازي ثمن شراء حصان جديد
وهنا قرر المزارع أن يضرب عصفورين بحجر واحد يردم البئر الجافة ويتخلص من مشكلة الحصان المصاب بدفنه في البئر ، فطلب العون من بعض المزارعين فأتوا بمعاولهم وفؤوسهم وأخذوا يردمون البئر ، ففطن الحصان لما يحدث وأخذ يصهل طالبًا النجدة
وبعد قليل توقف الصهيل فنظر المزارع ومن معه ليجدوا الحصان منشغلًا بنفض التراب عن ظهره ، وإسقاطه على الأرض وكان كلما فعل ذلك ازداد ارتفاعًا فوق التراب ، وظل هكذا يقترب من الحافة خطوة بخطوة حتى استطاع الخروج ، وتعجب المزارع ومن معه كثيرًا من فعلة الحصان الذي استطاع أن يتغلب على كبوته ويخرج منها