والمعنى من كلمة آساك شخصًا أنه قد جعله أسوة به أو مثله ، وقيل أخاك للحث على مراعاة الإخوه ، وكان أول من قال هذا المثل هو خزيم بن نوفل الهمداني ، وذلك عندما كان للنعمان بن ثواب العبدي ثلاثة صبيان وهم سعد وسعيد وساعدة ، وكان النعمان بن ثواب يحثهم على الشرف والحكمة ويعلمهم الآداب
وكان ابنه سعد كثير الشجاعة وبطل من أبطال العرب ، لم يكن يفوته أى فائته أبدًا ، أما سعيد فكان كريمًا وكثير الجود ، وساعدة كان شخصًا اجتماعي وله العديد والعديد من الأصدقاء والإخوان
نادى عليهم أبيهم في يومًا من الأيام وحدث إبنه سعد قائلًا : يا بني أن الصارم ينبو ، والجواد يكبو ، والأثر يعفو ، فإذا شهدت حربًا فرأيت نارها تسعر ، وبطلها يخطر ، وبحرها يزخر ، وضعيفها ينصر ، وجبانها يجسر ، فأقلل المكث والانتظار ، فإن القرار ليس عار، إذا لم تكن طالب ثار ، فإنما ينصرون هم ، وإياك أن تكون صيد رماحًا ، ونطيح نطاحًا
وحدث إبنه سعيد قائلًا : يا بني ، لا يبخل الجواد ، فأبذل الطارف والتلاد، وأقلل التلاح ، تذكر عند السماح ، وأبذل لإخوانك فإن فيهم قليل ، واصنع المعروف عند محتمله
وقال لابنه ساعدة : يا بني إن كثرة الشراب تفسد القلب ، وتقلل الكسل ، وتجد اللعب ، فأبصر نديمك ، وأحم حريمك ، وإعن غريمك ، واعلم أن الظمأ القامح ، خير من الرأي الفاضح ، وعليك بالقصد فإن فيه بلاغاً
وعندما توفى والدهم قال سعيد : لآخذن بوصية أبي ولأبلون أخواني وثقاتي في نفسي ، وقام بدبح كبشًا ووضعه في جانب وقام بتغطيته ودعا واحدًا من أصحابه وقال : يا فلان إن أخاك من وفي لك بعهده ، وحاطك بوفده ، ونصرك بوده ، فقال له : صدقت فهل حدث أمر؟
قال سعيد : نعم إني قتلت فلانًا وهو الذي تراه في ناحية الخباء ولا بد من التعاون عليه حتى يواري ، فما عندك ؟ قال له : يا لها منسوأة وقعت فيها ، فقال: فإني أريد أن تعينني عليه حتى أغيبه ، قال : لست لكفي هذا بصاحب ، وتركه وذهب
وجاء صديقًا أخر من أصدقائه وأخبره بنفس الكلام السابق وفعل كما فعل السابق وفي كل مرة يأتي بصديق يفعل معه نفس الفعله حتى بعث إلى أخر واحدًا فيهم وهو خزيم بن نوفل وقال له : يا خزيم مالي عندك ، قرد عليه قائلًا : ما يسرك وما ذاك ، فقال : إني قتلت فلان وها هو الذي تراه مسجى
فقال : أيسر خطب ، بالشمري سهالات فماذا تريد فقال : أريد أن تعينني حتى أغيبه ، قال : هان ما فزعت فيه إلى أخيك ، وسأله خزيم : هل اطلع أحدًا على هذا الأمر غير غلامك هذا ، فقال له لا ، فقال ما قلت إلا حقًا ، وقام خزيم بضرب الغلام بسيفه فقتله
فزع سعيد مما حدث لغلامه ، وقال ويحك ما صنعت وأخذ يلوم فيه حتى قال له خزيم : أن أخاك من آساك ، فأرسلها مثلاً ، فرد عليه سعيد : فإني أردت تجربتك وقام بتعرية الكبش وأخبره بما حدث وما فعله إخوانه وأصدقائه ، فقال خزيم سبق السيف العذل