لهذا المثل قصة طريفة رواها الإمام الفاضل شهاب الدين أحمد ، المعروف بابن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد الفريد ، وهو يحكي عن رؤية امرأة أبي رافع له في الحلم ، وحديثها معه ، وفي التراث القديم كان هناك اختلاط بين الرؤى والواقع ، واحترام لوصايا الموتى
قصة المثل :
يحكى أن امرأة أبي رافع رأته في نومها بعد موته ، فقاله لها : أتعرفين فلانًا الصيرفي ، فقالت له نعم يا أبا رافع ، فأخبرها أن عليه له مائتين من الدينارات ، فلما استيقظت من نومها ذهبت إلى الصيرفي الذي أخبرها عنه زوجها ، وسألته عن المائتين دينار ، فقال لها : رحم الله أبا رافع والله ما كان بيني ، وبينه أي معاملات مالية قط
فذهبت بعدها لمسجد المدينة ، ووجدت بعض من مشايخ أل أبي رافع ، المشهود لهم بالصدق والصلاح ، فقصت عليهم الرؤيا ، وأخبرتهم بما حدث مع الصيرفي ، وإنكاره لأخذ المال من أبي رافع
فقالوا لها : ما كان أبو رافع ليكذب في نوم ولا يقظة ، تقدمي بشكوى ضده إلى السلطان ، ونحن نشهد عليه ، وإن كان عليه مال سيدفعه ، فلما علم الصيرفي بعزم القوم على الشهادة ضده ، أدرك أنه لا مفر من الدفع ورد المبلغ
وذهب إليهم ، وطلب منهم أن يصلحوا بينه وبين امرأة أبي رافع ، فقالوا له ونعم الصلح ، أعطها نصف المال ، مائة دينار من المائتين التي طلبت ، فقال لهم : فليكن هذا ، ولكن بشرط اكتبوا بيني وبينها وثيقة ، فقالوا : وكيف تكون الوثيقة ؟ قال تكتبون فيها أنها قبضت مني مائة دينار صلحًا عن المائتين التي ادعاها أبو رافع في نومها ، وأنها قد أبرأتني منها ، وتشترط على نفسها ألا ترى أبي رافع في نومها مرة أخرى
حتى لا يدعي عليا بغير هذين المائتين دينار في رؤية أخرى ، وتجيء بفلان وفلان يشهدان لها على ذلك ، فلما سمعوا الوثيقة ، أدركوا سوء نيته ، وأنه قد يكون مدينًا لأبي رافع بأكثر من هذا ، وقالوا له : قبحك الله ، وقبح ما جئت به