غالبًا ما تقال تلك الكلمة للنداء والاستغاثة ، فقد كان المعتصم بالله خليفة المسلمين نصيرًا لهم على أعداء الدين والإسلام ، وهو من نسل هارون الرشيد ، ويقال أنه في زمن المعتصم استغاثت به واحدة من نساء المسلمات الحرائر في مدينة عمورية
حينما استغل الروم انشغال المعتصم بالقضاء على بعض الفتن الداخلية ، وأغاروا على عمورية تلك المدينة الفاصلة بين حدودهم وحدود المسلمين ، وهناك في عمورية كان الروم يسيئون معاملة أهلها ، ويقتلون الرجال ، ويسبون النساء
ومن ضمن هؤلاء النساء كانت امرأة جليلة شريفة النسب ، تم بيعها في سوق النخاسة وحاول أحدهم أن يتحرش بها ، وأمسك بطرف جلبابها في السوق ؛ فصرخت وامعتصماه ، فلطمها على وجهها ، وقال لها إذا كان المعتصم قادر على إنقاذك فليأتي بفرسه
وكان هناك رجل عربي متنكر استطاع أن يرى ما حدث ، ويعرف مكانها ، فسار إلى المعتصم وأبلغه بما كان ، فأعد المعتصم عدته حين علم ، وسار برجاله إلى عمورية ، وحاصرها فترة طويلة ، ولكن حصونها كانت منيعة ، وأخبره المنجمين أنه لن يفتحها إلا في أوان حصد التين والعنب ؛ فاغتم المعتصم لذلك
وخرج في ليلة مع بعض حشمه يتفقد المعسكر ، فاستمع إلى حداد يضرب نعال الخيل يتحدث بخيمته مع أخر ، وكان كلما دق مسمار قال : في رأس المعتصم ، فيرد صاحبه مالك ومال المعتصم ، فقال له : إنه لا يحسن التدبير ، معه من القوة والعتاد ما يفتح عمورية ، ومع ذلك لا يفتها ، والله لو ولاني الأمر لفتحتها ، وبات فيها غدًا
ولما سمع المعتصم هذا الكلام تعجب منه ، وانصرف ، وترك رجاله على باب الخيمة ، وحينما أشرقت الشمس أخذوا الحداد لباب المعتصم ، فقال له خليفة المسلمين بلغني أنك قلت كذا وكذا ، فقال الحداد ما سمعته حق
فرد المعتصم : وما حملك على هذا ، فقال الشاب والله لو وليتني الحرب ، وأذن الله بذلك لأفتحن عمورية ، فقدمه الخليفة للحرب ، وولاه أمر عمورية ، ففتحها المعتصم ، وكذب المنجمون ، وفزعت جيوش الروم ، وأصبحت ما بين مقتول ، وهارب
وبعدها أحضر العربي الذي أبلغة باستغاثة المرأة المسلمة ، وطلب منه أن يأخذه إلى مكانها ، ولما وصل إليها قال لها : هل لبى المعتصم نداءك ، وملكها سيدها ، والرجل الذي لطمها ، وعادت حرة كما كانت بفضل المعتصم ، وكان نداء هذه المرأة هو السبب في فتح عمورية ، وعند عودة المعتصم استقبله أبو تمام بهذه الأبيات :السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ