قصة الغلاف ذو الأختام الحمر

منذ #قصص عالمية

قصة قصيرة تحمل بداخلها عدد من المشاعر المضطربة لزوج توفت زوجته ووجد رسائل خاصة بها من عشيق قام بقتله وتبين في النهاية أن الرسائل لم تكن لها ولكنها كانت تحفظها لصديقتها لحين عودتها من سفرها .

نبذة عن الكاتب : من قصص الكاتب الفرنسي موريس لوبلان Maurice Leblanc من مواليد عام 1864م اشتهر بكتابة الروايات البوليسية والمغامرات كما أنه مخترع الشخصية الأشهر أرسين لوبين وتوفي عام 1941م .

القصة :

في مساء اليوم الخامس والعشرون بعد وفاة جاكلين أنس زوجها جيوم من نفسه الشجاعة على دخول غرفة أحبها حباً شديداً وكان يريد أن يتنسم على الأخص عطر الماضي بقراءة تلك الرسائل التي كتبها إليها في الأوقات التي كانت الحياة فيها ترغمها على مفارقات قاسية .

حيث كانت جاكيلين تحفظ كل رسائلها في علبة الأبنوس المطعمة بالصدف لا يفارقها مفتاحها أبداً ، فلما فتح العلبة وجد بها عدة حزم من الرسائل مربوطة بأشرطة مختلفة الألوان ووجد كل حزمة علامة تميزها عن غيرها ، فعلى إحداهما مثلاً كتبت جيوم في الجزائر وعلى الثانية جيوم في الجيش وهكذا وكانت تحت هذه الحزم كراسة معرفة تماماً لجيوم وهي نوع من اليوميات التي كانت جاكيلين تقيد فيها إحساسها المشترك ومسراتهما وأحزانها .

غير أن جيوم حين أخرج هذه الكراسة زحزج قطعة من القطيفة كانت تغطي قاع العلبة فلما رفع هذه القطعة دهش كل الدهش إذالقى تحتها غلاف أصفر مختوماً بخمسة أختام حمر وكأنه يحتوي على كمية من الأوراق .

فلما نظر إلى هذا الغلاف عرف خط زوجته وقرأ عليه هذه الجملة ” يسلم بعد موتي إلى صديقتي هانرييت ديسيز ” لم يتردد جيوم ثانية في فتحه فمع أنه يتمتع بأخلاق عالية لأبعد حد وبرغم أنه طول حياة جاكيلين لم يفتح قط رسالة خاصة بها ، ولكنه فتحه بدون تردد وبدافع غزيرة تغلبت فيه على كل شيء قد فض الأختام ومزق الغلاف إنها رسائل رجل تناولها ويده مرتعشة ، إنها تبتدي بعزيزتي المعبودة أدار الصفحة ونظر إلى الإمضاء فألقاه رفائيل .

وفي الحال فهم كل شيء فقد كان رفائيل دورميقال أثناء الشهور التي سبقت مرضها يتردد على منزلهم بل طالما دخل جيوم فألقى الرجل جالساً بالقرب من زوجته فالآن قد أدرك معنى صمتهما الذي كان يسببه لهما حضوره .

في هذه اللحظة كانت الساعة تدق الحادية عشر مساءاً فنهض وغادر الحجرة وتناول قبعته ومعطفه وخرج إلى الطريق فاستقل السيارة إلى نادي شارع كابوسين فصعد إليه فالتقى هناك عدة مناضد مشغولة بلاعبي الورق ، وفي نهاية إحدى القاعات الكبيرة كان هنالك عدة أشخاص يلعبون البوكر فوقع نظره على رفائيل فاقترب جيوم من المنضدة وألقى عليها بضع قطع من الذهب ليشترك في اللعب وبعد عدة دقائق رأى الحاضرون دهشة فائقة أنه بدون مبرر أخذ يسب رفائيل بأفظع الأساليب وفي النهاية تبادلا البطاقات واتفقا على تعيين شهود المبارزة .

وبعد ذلك عاد جيوم إلى منزله فتناول صورتي جاكيلين الفوتوغرافيتين اللتين كانتا تزينان موقد غرفته وألقى بهما في النار ، كذلك قطعة إثر قطعة وعلى أثر هذا نام نوما هادئاً بعض الشيء وحينما استيقظ في اليوم التالي ألقى نفسه ساكناً لأنه كان يخيل إليه أنه قتل تلك الميتة مرة ثانية ما دام قد قتلها في نفسه نهائياً وإلى الأبد ، وأن كائنا واحداً يمكن أن يذكره بهذه الخيانة وهو رفائيل دورمييقال وهذا الكائن سيموت ولن يبقى بعد ذلك شيء من الماضي .

وفي الساعة العاشرة اجتمع الشهود وفي الرابعة حدثت المبارزة وعندما ألقى جيوم نفسه خصمه أحس وكأن الغيظ منه والحقد عليه يقفزان به وإذ ذاك فقط تألم وعرف بحق وبهيئة عميقة أن الحياة لن تكون ممكنة بالنسبة إلية ما دام هذا الرجل يحيا ، هاجمه مرتين بعنف بالغ أشده حتى اضطر الشهود إلى التفريق بينهما وفي المهاجمة الثالثة ألقى بنفسه عليه واخترق جسمه بضربه من سيفه فهوى وأسلم الروح لساعته ، وبعد أن فارق جيوم شاهديه أخذ يتنزه في الغابة لمدة ساعة ولم تكن أية فكرة تهيجه إذ ذاك .

غاية ما في الأمر أنه كان يحس بأن عقله كثيف مظلم مختلط لا يستطيع الفكرة أن تصدر عنه ، بل لم يعد يعرف هل لا يزال يتألم ، وهل شفى غليل حقده من خصمه ، وفي ساعة العشاء ألقى نفسه من جديد في منزله وعلى أثر ذلك أنباه خادمه بأن سيدة تنتظره في حجرة الاستقبال منذ ساعة على الأقل .

فاتجه إلياها فألقاها هانرييت ديسيز تلك الصديقة المخلصة وكاتمة سر زوجته ، بتسليم رسائلها الغرامية إليها ولك يكن جيوم رأها منذ وفاة زوجته لأنها سافرت في اليوم التالي وأنها نالت حكم بالطلاق ضد زوجها وأنها معتزمة الزواج بعد العدة وسألته هل تجد بين أوراق جاكيلين حزمة لي ، فقال لها نعم وجدت وأحرقته فظهرت الكآبة على وجهها فقالت لا هذه الرسائل ملكي وحاكيلين كانت تحفظها لي ، فقالت أم تقل لك جاكيلين مسكينة أنا أطلب منها كتمان السر لأبعد الحدود .

فقال في فزع ماذا ماذا فقالت كنت منتظرة الطلاق فقد كنت أخشى أن تنكشف الرسائل وهي الوحيدة التي كان بإمكانها كتمان سري ، فقال لها أي سر فقالت أنت لا تعرف أنا أحب أحد الناس وهو أحد أصدقائك وكان يتردد عليك كثيراً فقال أهو رفائيل فقالت نعم هو ولكنه لم يعرف ماذا يقول لها إذ فهم أن شيئاً هائلاً وفظيعاً قد وقع شيئاً سيترك ذكرى أكثر رعباً وتعذيباً من موت زوجته كان يود أن يهييء هذه السيدة لوقع ذلك النبأ العظيم المؤلم ولكنه لم يعرف ماذا يقول فقد رفضت شفتاه النطق بتلك الكلمات المروعة ونظر إليها بدون أن ينبس بكلمة بدون أية إشارة وفي رعشة الخوف والغم والقلق تركها تخرج .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك