أشباح!! هل تمزح؟! ضحكت فرانسيس تعليقاً على القصة التي رواها لها الرجل العجوز الذي يدير المنزل ثم أردفت بنبرة يشوبها شيء من التحدي: لا يوجد شيء اسمه أشباح يا سيدي، هذه مجرد خرافات! ولكي أثبت لك ذلك سأبيت هنا الليلة. إحجز لي غرفة رجاءً وسنرى من سيخيف الآخر، أنا أم أشباحك القديمة المهترئة!؟
لم يجادلها الرجل العجوز، سجل اسمها في دفتره ثم ناولها مفاتيح غرفتها، وتمنى لها ليلة سعيدة.
كان العجوز رجلاً وقوراً محترماً يتحدث بلباقة وأدب جم، لكن فرانسيس انزعجت من تلك الابتسامة الخبيثة التي لم تبرح شفتاه والنظرة الساخرة التي كانت تبرق في عيناه.
أي مجنون يصدق هراء الأشباح! تمتمت فرانسيس مع نفسها وهي تغالب النعاس على السرير الوثير الذي يتوسط الغرفة الصغيرة التي استأجرتها تلك الليلة.. ولم تمض سوى لحظات حتى استسلمت لجفونها الثقيلة المتعبة وغطت في نوم عميق.
حينما فتحت فرانسيس عينها مرة أخرى لم تكن تعلم كم هو الوقت، هل بزغ الفجر؟ كان هناك ضوء أصفر خافت يتراقص على الجدار، شعرت بكآبة غريبة تسيطر على مشاعرها، أصبح هواء الغرفة ثقيلاً بصورة مزعجة وأحست كأن شيء ما يقبع فوق صدرها.. أدارت جسدها ببطء نحو الجزء الأخر من السرير لكنها تجمدت مكانها فجأة واجتاحها خوف رهيب..
لقد كانت هناك امرأة سوداء تقف عند حافة السرير تحدق إليها، كانت تحمل بيدها شمعة وتضع على رأسها قلنسوة خضراء، ملابسها غريبة وقديمة الطراز.
صرخت فرانسيس ودفنت رأسها تحت اللحاف ثم مرت لحظات سادها صمت وسكون عجيب..
ربما تكون خدعة أو مزحة سمجة قام بها ذلك العجوز، حدثت فرانسيس نفسها وهي تخرج رأسها شيئاً فشيئاً من تحت الغطاء.. كانت المرأة السوداء لاتزال واقفة في مكانها كالتمثال، بدت حقيقية إلى درجة أن لهب شمعتها كان يتراقص وينبعث عنه خيط رفيع من الدخان.. تشجعت فرانسيس ومدت يدها ببطء نحو المرأة، لكن أصابعها المرتجفة لم تكد تصل إليها حتى اختفت وتلاشت كالدخان.
في صباح اليوم التالي لم تكن السيدة فرانسيس مايرز تؤمن بالأشباح فحسب بل إنها ستؤلف مستقبلاً كتاباً حول تجربتها الشخصية مع أشباح منزل الآس (1)، تلك التجربة التي دفعتها لاحقاً لنبش تاريخ المنزل ثم شراءه لتصبح واحدة من بين الأسماء الكثيرة التي امتلكته طوال قرنين من الزمان.