رواية 1984 لجورج أورويل : القسم التاسع والعشرون


وزالت عنه نوبات السعال التي كانت تنتابه كل صباح، كما لم یعد یرى الحیاة حملاً ثقیلاً لا یطاق أو یشعر بالحاجة الماسة لأن ینظر بغضب نحو شاشة الرصد أو یطلق اللعنات بأعلى صوته.

والآن وقد أصبح لدیهما ملاذ آمن هو بمثابة المنزل لهما، فقد باتا لا یشعران بالضیق من كونهما لا یلتقیان إلا مرات قلیلة ولا یمكثان معاً في كل مرة سوى ساعتین.

إذ كان همهما منصباً على أن الغرفة الكائنة فوق الحانوت ینبغي أن تظل موجودة وكان مجرد أنها موجودة ولم تُنتهك حرمتها یشعرهما بارتیاح یكاد یضاهي ذلك الذي یشعرانه حینما یكونان بداخلها، إذ كانت الغرفة تمثل لهما عالماً خاصاً كما باتت جیباً من جیوب الماضي تستطیع الحیوانات المنقرضة أن تسیر فیه، وكان ونستون یرى في السید شارنغتون حیواناً منقرضاً هو الآخر.

وقد اعتاد ونستون أن یتوقف، كلما هم بالصعود إلى الغرفة، لدقائق قلیلة یتجاذب فیها أطراف الحدیث مع السید شارنغتون الذي كان نادراً ما یغادر حانوته ولا یأتیه إلا القلیل من الزبائن، فقد كان یعیش حیاة أشبه بحیاة الأشباح تبدأ من ذلك الحانوت المعتم الضیق وتنتهي في المطبخ الخلفي الأشد ضیقاً حیث كان یعد فیه وجباته والذي كان یحتوي، من بین ما یحتوي، على مذیاع قدیم جداً(غرامافون) ذي بوق هائل.

وكان ذلك العجوز یُسّر كلما سنحت له فرصة للحدیث مع ونستون، وكان في تجواله بین متاعه عدیم القیمة، بأنفه الطویل ونظارته الغلیظة وكتفیه المقوستین في معطفه المخملي، یبدو كهاو لجمع التحف أكثر منه تاجراً.

وبشيء من الحماس الفاتر كان یشیر باصابعه إلى هذه القطعة من الخردة أو تلك - كسدادة قنینة من الصیني أو غطاء مطلي لعلبة سعوط مكسورة أو علبة مغلقة تحتوي على خصلة من شعر طفل مات منذ زمن طویل، وكل هذا دون أن یسأل ونستون إن كان لدیه رغبة في شراء أي منها، فكل ما یطمح إلیه هو أن تحوز إعجاب ونستون.

أما الحدیث معه فكان أشبه بالإصغاء إلى رنین صندوق موسیقي اهترأت أوتاره حیث كان یستحضر من زوایا ذاكرته بعضاً من القصائد المنسیة، فكانت إحداها تدور حول أربعة وعشرین شحروراً وأخرى حول بقرة ذات قرن مكسور وثالثة عن موت الدیك روبین المسكین. وكان كلما استذكر بعض المقاطع یقول بضحكة خافتة مستنكرة: لقد خطر لي أنك ربما تهتم بذلك، بید أنه لم یكن یستطیع أن یتذكر أكثر من أبیات قلائل من كل قصیدة.
وكان ونستون وجولیا یدركان، وبطریقة لا تفارق بالهما، أن دوام حیاتهما على هذه الحال أمر محال. وكانت تمر بهما أوقات یخیل إلیهما غیها أن موتاً وشیكاً یحدق بهما تماما كالسریر الذي یرقدان فوقه، وحینذاك كانا یلتصقان أحدهما بالآخر وقد تملكتهما شهوانیة یائسة مثل روح هالكة دنت لحظتها وترید إشباع شهواتها وملذاتها قبل أن تدق ساعة هلاكها.

وفي أوقات أخرى كانا یعیشان شعور أن حالهما هذه لیست آمنة فحسب وإنما أیضا ذات دیمومة، كما كانا یشعران بأنهما ما داما في هذه الغرفة فلن یلحقهما أي مكروه. ومع أن الوصول إلى الغرفة كان شاقاً ومحفوفاً بالمخاطر إلا أنها كانت لهما حرماً آمناً.

لقد كان ونستون ینتابه فیها شعور كذاك الذي ینتابه عندما یحدق في قلب الثقل الزجاجي، ویحس بأن في مقدوره الدخول إلى ذلك العالم الزجاجي وبأنه بمجرد أن یدلف إلیه فإن بوسعه أن یوقف دوران الزمن.

وكثیراً ما كانا یسلمان قیادهما لأحلام یقظة تدور حول إمكانیة إفلاتهما من موت محتوم، فقد یظل الحظ حلیفاً لهما إلى أجل غیر منظور فیستطیعان مواصلة مؤامرتهما على هذا النحو في البقیة الباقیة من حیاتهما الطبیعیة، أو قد تموت كاترین ویفلحان، بمناورة بارعة، في الحصول على إذن بالزواج، أو قد ینتحران معاً، أو قد یتواریان عن العیون ویغیّران هیئتیهما بحیث لا یعرفهما أحد ویتعلمان الكلام بلهجة البرولیتاریا ویحصلان على عمل في أحد المصانع ویعیشان ما بقي لهما من حیاة في شارع خلفي بعیداً عن العیون.

بید أن كل تلك الأحلام كانت محض هرأء ولم یكن ذلك یغیب عن إدراكهما. ففي واقع الأمر لم یكن أمامهما من مهرب، فحتى الخطة الوحیدة القابلة للتطبیق، وهي انتحارهما، ما كان في نیتهما وضعها موضع التنفیذ.

لقد كانت حیاتهما من یوم إلى یوم ومن أسبوع إلى أسبوع، وهما یغزلان خیوط حاضر لا مستقبل له، تبدو أمراً غریزیاً لا یمكنهما صده، تماماً مثلما تظل الرئتان تجذبان النفس تلو النفس ما دام الهواء موجوداً.
وفي أحیان أخرى، كانا یتحدثان عن الانخراط في ثورة حقیقیة على سلطان الحزب ولكن دون أن یكون لدیهما أدنى تصور عن الخطوة الأولى في ذلك السبیل. وحتى لو كانت حركة «الأخوة» الخرافیة موجودة حقاً، فإن اختراق عالمها یظل عقبة كأداء، وقد تحدث ونستون إلى جولیا عن تلك الألفة الموجودة، أو التي یخیل إلیه أنها موجودة، بینه وبین أوبراین، وعن ذلك الدافع الذي كان یراوده أحیاناً في أن یلتقي أوبراین ویفصح له عما یكنّه من عداوة للحزب ویطلب منه العون في ذلك.

ومن الغریب حقاً أن جولیا لم تكن تعتبر ذلك عملاً متهوراً یتعذر الإقدام علیه، إذ كانت اعتادت أن تحكم على الناس من سیماء وجوههم، ولذا بدا لها أن من الطبیعي أن یعتقد ونستون بأن أوبراین جدیر بالثقة لمجرد ذلك التلاقي الذي حصل مرة بین شعاعي البصر لدیهما.

وفضلاً عن ذلك فقد كانت تعتقد اعتقاداً راسخاً بأن كل شخص تقریباً یضمر في قریرته نقمة على الحزب وأنه لن یتردد في خرق القواعد متى أَِمن عاقبة ذلك. ولكنها رفضت أن تؤمن بأن معارضة واسعة النطاق ومنظمة موجودة أو یمكن أن یكتب لها الوجود.

إذ كانت ترى أن ما یُتداول من حكایات عن غولدشتاین وجیشه السري ما هي إلا خرافات اختلقها الحزب خدمة لأغراضه وعلیك أن تتظاهر بأنك تؤمن بها. وفي مرات لا یحصى عددها كانت تجد ّنفسها في تجمعات الحزب وفي تظاهراته العفویة، تهتف بأعلى صوتها مطالبة بضرورة إعدام أشخاص لم تكن قد سمعت بأسمائهم من قبل كما لم تكن تصدق أي من الجرائم المزعومة التي نسبت إلیهم.

وعندما تنعقد المحاكمات العلنیة، كانت تأخذ مكانها بین مفارز اتحاد الشبیبة، التي تحیط بقاعات المحاكم منذ الصباح وحتى المساء، وهي تردد من حین لآخر «الموت للخونة». أما خلال دقیقتي الكراهیة فكانت دائماً تبز رفیقاتها في كیل الإهانات وصب اللعنات على غولدشتاین مع انها لم یكن لدیها أدنى فكرة عمن یكون غولدشتاین هذا أو عن معتقداته وما یمثّل. لقد أدركت الحیاة في عهد الثورة، أما قبل الثورة فكانت صغیرة ولا یمكنها أن تتذكر شیئاً عن المعارك الأیدیولوجیة التي دارت رحاها في الخمسینات والستینات.

وكان وجود شيء مثل الحركة السیاسیة المستقلة أمراً لا یمكن تصوره وكانت تؤمن بأن الحزب قوة لا تقهر، وأنه سیظل قائماً كما هو أبد الدهر. وكل ما في استطاعة المرء فعله هو أن یتمرد علیه بالعصیان سراً أو على الأكثر بأعمال عنف متفرقة كقتل شخص أو نسف بنایة ما. وكانت جولیا أَحد ذهناً من ونستون وأقل تأثراً بدعایة الحزب. فذات مرة، ّعندما عرج في حدیثه معها على الحرب ضد أوراسیا، هاله قولها بأنها تعتقد أنه لم یكن هنالك من حرب، وأن القذائف الصاروخیة التي تتساقط یومیاً فوق لندن ربما كانت تطلقها حكومة أوقیانیا بنفسها لا لشيء إلا «لإبقاء الشعب في حالة من الفزع»، وهذه فكرة لم تكن قد خطرت ببال ونستون إطلاقاً، كما أنها أثارت في نفسه شیئاً من الحسد عندما أخبرته بأن العقبة الكبرى التي كانت تواجهها خلال دقیقتي الكراهیة هي تحاشي الضحك عالیاً. وكانت تتشكك في تعالیم الحزب، خاصة حینما تمس هذه التعالیم بطریقة ما حیاتها الخاصة، وقد كانت في غالب الأحوال على استعداد لقبول الأساطیر المؤسسة للحزب وذلك لأن الفرق بین الحقیقة والزیف أمر لم یكن یهمها من بعید أو قریب، فمثلاً كانت تصدق ما تعلمته في المدرسة من أن الحزب هو الذي اخترع الطائرات.

أما ونستون فكین یذكر أنه في أیام دراسته في أواخر الخمسینات تعلّم أن الحزب اخترع طائرات الهلیكوبتر فقط. ولكن بعد مرور اثني عشر عاماً ّ، عندما كانت جولیا في المدرسة، ادعى الحزب ّأنه اخترع الطائرة، ولا بد أنه بعد مرور جیل آخر سیدعي اختراعه للمحرك البخاري. وعندما أخبرها أن الطائرات كانت موجودة قبل أن یولد، بل وقبل أن تقوم الثورة بوقت طویل، وجد أنها لا تعیر هذه الحقائق انتباهاً، فمهما یكن، ما هي أهمیة أن نعرف من الذي اخترع الطائرات؟ بل وراعته الصدمة أكثر حینما اكتشف من ملاحظة عابرة وردت في حدیثها أنها لا تذكر أن أوقیانیا كانت في حرب ضد شرقاسیا وفي سلام مع أوراسیا منذ أربع سنوات. صحیح أنها كانت تعتبر مسألة الحرب برمتها ادعاء زائفاً، ولكن من الواضح أنها لم تنتبه إلى أن اسم العدو قد تغیر، إذ قالت بغموض: «كنت أظن دائماً أننا في حرب مع أوراسیا». وقد أخافه ذلك. فاختراع الطائرات یعود إلى ما قبل مولدها بزمن طویل، ولكن التحول في الحرب لم یحدث إلا قبل أربعة أعوام أي بعد أن كانت قد نضجت ووعت الحیاة. ودخلا في حجاج حول ذلك الموضوع زهاء ربع الساعة، وفي النهایة نجح ونستون في إرجاع ذاكرتها إلى الوراء حتى تذكرت على نحو غیر واضح أنه في وقت من الأوقات كانت شرقاسیا لا أوراسیا هي العدو. ولكنها ظلت ترى أن هذه المسألة عدیمة الأهمیة. وقالت بصبر نافد: «وماذا یهم؟ إنها دائماً حرب دمویة تتلوها حرب دمویة أخرى، والكل یعرف أن هذا كلّه محض أكاذیب».

أحیاناً كان یحدثها عن قسم السجلات وعن التزویرات الوقحة التي تتم. وقد أدهشه أن معرفتها بمثل هذه الأشیاء لم تفزعها، ولم تكن ّتشعر بالهوة السحیقة والرعب عندما علمت أن الاكاذیب هناك تتزیا بزي الحقائق. وقص علیها ما كان من أمر جونز وآرونسون ورازرفورد وقصاصة الورق الخطیرة التي حدث ووقعت بین یدیه ذات مرة. إلا أنها لم تتأثر كثیراً بذلك، بل ولم تفطن في بدایة الأمر إلى مغزى ما یورده من شواهد في القصة فسألته:- هل كانوا أصدقاءك؟
- كلا، فأنا لم أعرفهم أبداً، لقد كانوا أعضاء في الحزب الداخلي، فضلاً عن أنهم كانوا أ;مبر مني سناً وكانوا من بقایا الأیام الغابرة التي سبقت الثورة، ولا أكاد أمیزهم بالنظر.
- إذن ما الذي یقلقك؟ فالناس دائماً یلقون حتفهم ویُقتلون، ألیس كذلك؟حاول أن یجعلها تفهم استثنائیة الوضع، وأن الأمر لیس مجرد قتل شخص، فسألها: «هل تعلمین أن الماضي، ابتداء من الأمس، قد تم محوه محواً تاماً؟

وحتى إذا كان له أي وجود فقد یكون في أشیاء قلیلة مصمتة لا كلمات علیها مثل ذلك الثقل الزجاجي. إننا نكاد لا نعرف شیئاً محدداً عن الثورة والسنوات التي سبقتها، فكل السجلات تم إتلافها أو تحریفها، وكل كتاب أعیدت كتابته، وكل صورة أعید رسمها، واسم كل تمثال وشارع وبنایة جرى استبداله، وكل تاریخ جرى تحریفه، وما زالت هذه العملیة متواصلة یوماً بیوم ودقیقة بدقیقة. لقد وصلنا إلى نهایة التاریخ، وانتفت صفة الوجود عن كل شيء عدا الحاضر الذي لا نهایة له والذي ینطق بأن الحزب دائماً على حق. إنني أعلم بالطبع أن الماضي یزیف ولكن لن یكون بمستطاعي إطلاقا أن آتي ببرهان على ذلك حتى لو كنت أنا الذي قمت بالتزییف. فبمجرد الانتهاء من التزییف یجري إحراق كل دلیل حي. والدلیل الوحید هو ذلك الذي یبقى داخل عقلي ولا أعرف یقیناً إن كان هنالك إنسان آخر یشاركني فیما أحمل في ذاكرتي أم لا. وطوال حیاتي لم أعثر على دلیل مادي وملموس إلا مرة واحدة وبعد أن كان الحدث قد مضى علیه سنوات».
- لكن وما النفع من ذلك؟
- لم یكن ذا نفع، لأنني ألقیت به في المحرقة بعد بضع دقائق. لكن لو أن ذلك حدث الیوم لكنت احتفظت به.
فقالت جولیا: «أما أنا فلم أكن لأحتفظ به! إنني على أتم الأهبة للمجازفة ولكن فقط من أجل شيء جدیر بهذه المجازفة لا من أجل قصاصة من صحیفة قدیمة. ماذا كان باستطاعتك أن تفعل لو أنك احتفظت بها؟»
أجاب قائلاً: «ربما لم أكن لأفعل الكثیر، ولكنه كان دلیلاً على أي حال، دلیلاً قد یزرع بعض الشك هنا وهناك على افتراض أنني ّكنت سأتجرأ على إطلاع البعض علیه. إنني لا أتخیل أنه سیكون بمقدورنا أن نغیر أي شيء في حیاتنا الراهنة، ولكن بوسع المرء أن یتخیل إمكانیة ظهور جیوب صغیرة للمقاومة تظهر هنا وهناك، في شكل جماعات صغیرة من الأفراد یشد بعضها إزر بعض، وتأخذ في التكاثر تاركة وراءها ولو بضعة سجلات حتى یتسنى للجیل التالي أن یبدأ من حیث انتهینا».
فقالت: «إنني لمست مهتمة بالجیل التالي یا عزیزي. ما یهمني هو نحن».
فقال لها: «إنك ثائرة من خصرك فما دونه فحسب».رأت في ذلك دعابة لطیفة منه فعانقته ضاحكة وهي في غایة البهجة.

لم تكن جولیا لتعیر أدنى اهتمام لعقیدة الحزب وتفرعاتها. وحالما كان ونستون یبدأ الحدیث عن مبادى الاشتراكیة الإنجلیزیة والتفكیر المزدوج وسیرورة الماضي وإنكار الواقع الموضوعي ولأخذ في استخدام كلمات من اللغة الجدیدة، كان یبدو علیها الملل والارتباك وتقول إنها لم یسبق أن أبدت اهتماماً بمثل هذه الأمور. فالمرء یعلم أنها كلها محض سخافات، فعلام یقلق نفسه بها؟ كانت تعلم متى یجب علیها الهتاف ومتى یجب السباب، وذلك هو كل ما كان یحتاج إلیه المرء. وإذا ما أصر ونستون على الحدیث عن مثل هذه الموضوعات كانت تستسلم للنوم، فقد كانت من النوع الذي یستطیع أن ینام في أي ساعة وفي أي وضعیة. ومن حدیثه معها أدرك أنه من السهل أن یتظاهر المرء بالولاء للحزب وهو لا یدرك حتى معنى الولاء. وبطریقة ما، فرضت نظرة الحزب نفسها على أناس لا یقدرون حتى على فهمها، فجعلتهم یقبلون انتهاكاته الفاضحة للحقیقة لأنهم لم یستطیعوا أبداً أن یفهموا ذلك، كما أنهم لم یكونوا یبدون القدر الكافي من الاهتمام بما یحدث حتى یمكنهم فهم التزویر لوقائع الحیاة. ولقد كان لافتقادهم للفهم فضل في جعلهم بمأمن من الجنون. لقد كانوا ببساطة یبتلعون كل شيء ولم یكن ما یبتلعونه لیصیبهم بأي أذى لأنه لا یترك أي رواسب، بل یمر كما تمر حبة القمح في جوف طائر دون أن یهضمها.

يتبع....

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك