لأن تسمع بالمعيدي خير ، يضرب لمن خبره خير من مرآه ، ودخلت الباء على تقدير ؛ تحدث به خير ، أول من قال ذلك كان المنذر بن ماء السماء ، وكان حديثه أن كبيش بن جابر أخا ضمرة بن جابر من بني نهشل ، كان عرض الأمة لزرارة بن عدس يقال لها رشية ، كانت سبية أصابها زرارة من الرفيدات.وهم حي من العرب ، فولدت له عمرًا وذؤيبا وبرغوثًا ، فمات كبيش وترعرع الغلمة ، فقال لقيط بن زرارة ، يا رشية من أبو بنيك؟ قالت كبيش بن جابر ، قال فاذهبي بهؤلاء الغلمة فغلسي بهم ، وجه ضمرة وخبريه من هم .وكان لقيط عدوًا لضمرة ، فانطلقت بهم إلى ضمرة ، فقال لها من هؤلاء ؟ قالت بنو أخيك ، فانتزع منها الغلمة وقال لها ، الحقي بأهلك ، فرجعت فأخبرت ألها بالخبر ، فركب زرارة وكان رجلاً حليمًا ، حتى أتى بني نهشل ، فقال : ردوا عليا غلمتي ، فسبه بنو نهشل ، وأهجروا له فلما رأى ذلك انصرف ، فقال له قومه ما صنعت؟ قال: خيرًا ما أحسن ما لقيني به قومي ، فمكث حولاً ، ثم أتاهم فأعادوا عليه أسوأ ما كانوا قالوا له ، فانصرف ، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال : خيرًا ، قد أحسن بنو عمي وأجملوا .فمكث بذلك سبع سنين يأتيهم في كل سنة ، فيردونه بأسوأ رد ، فبينما بنو نهشل ، يسيرون ضحى إذ لحق بهم لاحق ، فأخبرهم أن زرارة قد مات ، فقال ضمرة: يا بني نهشل ، إنه قد مات حليم إخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم ، ثم قال ضمرة لنسائه ، قفن أقسم بينكن الثكل ، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان وامرأة يالق لها خليدة .من بني عجل وسبية من عند القيس وسبية من الأزد ، وكان لهن أولاد غير خليدة ، فقالت لهند وكانت لها مصافية ، وليّ الثكل بنت غيرك ، فأخذ ضمرة شقة بن ضمرة وأمه هند وشهاب بن ضمرة ، وأمه العبدية وعنوة بن ضمرة ، وأمة الطمثانية ، فأرسل بهم إلى لقيط بن زرارة ، وقال هؤلاء رهن لك بغلمتك حتى أرضيك منهم ، فلما وقع بنو ضمرة في يدي لقيط ، أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم .ثم طلب بنو نهشل إلى لمنذر بن ماء السماء ، أن يطلبهم من لقيط ، فقال لهم المنذر نحوا عني وجوهكم ، ثم أمر بشراب وطعام ودعا لقيطًا فأكلا وشربا ، حتى إذا أخذ الشراب منهما ، قال المنذر للقيط : يا خير الفتيان ، ما تقول في رجل اختارك الليلة على ندامي مضر؟ قال وما أقول فيه ، أقول إنه لا يسألني شيئًا ، إلا أعطيته إياه غير الغلمة .قال المنذر إما إذا استثنيت فلست قابلاً منك شيئًا ، حتى تعطيني كل شيء سألتك ، قال فذلك لك ، قال إني أسألك الغلمة أن تهبهم لي ، قال سلني غيرهم ، قال ما أسألك غيرهم ، فأرسل لقيط إليهم فدفعهم إلى المنذر ، فلما أصبح لقيط لامه قومه ، فندم .فأرسل المنذر إلى الغلمة ، وقد مات ضمرة وكان صديقًا للمنذر ، فلما دخل عليه الغلمة ، وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه ، فلما رآه قال (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فأرسلها مثلاً ، قال شقة أبيت اللعن وأسعدك إلهك ، إن القوم ليسوا بشاه ، إنما يعيش الرجل بأصغريه ، لسانه وقلبه ، فأعجب المنذر بكلامه وسرّه كل ما رأى منه ، قال سماه ضمرة باسم أبيه ، فهو ضمرة بن ضمرة .