أي تفرقوا تفرقًا لا اجتماع فيه ، عن فروة بن مسيك ، قال: أتيت رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله ، أخبرني عن سبأ ، أرجل هو أم امرأة ؟ فقال ” هو رجل من العرب ، ولد عشرة تيامن منهم ستة ، وتشاءم منهم أربعة ، فأما الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار منهم بجيلة.وأما الذين تشاءموا فعاملة وغسان ولخم وجُذام ، وهم الذين أرسل عليهم سيل العرم ، وذلك ان الماء كان يأتي أرض سبأ من الشحر وأودية اليمن ، فردموا ردمًا بين جبلين ، وحبسوا الماء وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب ، بعضها فوق بعض ، فكانوا يسقون من الباب الأعلى ثم من الثاني ، ثم من الثالث فأخصبوا وكثرت أموالهم ، فلما كذبوا رسولهم ، بعث الله جرذًا نقب ذلك الردم حتى انقض ، فدخل الماء جنتيهم فغرقهما ، ودفن السيل بيوتهم ، فذلك قوله تعالى :
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ). سورة سبأ: الآية 16والعرم جمع عرمة ، وهي السكر الذي يحبس الماء ، وقال ابن الأعرابي : العرم السيل الذي لا يطاق ، وقال قتادة ومقاتل : العرم اسم وادي سبأ .وعن أبي صالح قال : ألقت طريفة الكاهنة إلى عمرو بن عامر ، الذي يقال له مزيقيا بن ماء السماء ، وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبه بن أمريء القيس بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بم كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وكانت قد رأت في كهانتها أن سد مأرب سيخرب ، وأنه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنتين ، فباع عمرو بن عامر أمواله ، وسار هو وقومه حتى انتهوا إلى مكة ، فأقاموا بمكة وما حولها ، فأصابتهم الحمي وكانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى .فدعوا طريفة فشكوا إليها الذي أصابهم ، فقالت لهم : قد أصابني الذي تشكون ، وهو مفرق بيننا ، قالوا : فماذا تأمرين ؟ قالت من كان منكم ذا هم بعيد ، وجمل شديد ومزاد جديد ، فليلحق بقصر عمان المشيد ، فكانت أزد عمان .فقالت: من كان منكم ذا جلد وقسر ، وصبر على أزمات الدهر ، فعليه بالأراك من بطن مر ، فكانت خزاعة ، ثم قالت : من كان منكم يريد الخمر والخمير ، والملك والتأمير ويلبس الديباج والحرير ، قليلحق ببصرى وغوير ، وهما من أرض الشام ، فكان الذين سكنوها آل جفنة من غسان ، ثم قالت : من كان منكم يريد الثياب الرقاق والخيل العتاق وكنوز الأرزاق ، والدم المهراق فليلحق بأرض العراق ، فكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش ، ومن كان بالحيرة وآل محرق .