قصة مقولة خطب يسير في خطب كبير


قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة بن مالك بن نصر الذي يقال له : جذيمة الأبرش وجذيمة الوضاح ، والعرب تقول للذي به البرص : به وضح ، تفاديًا من ذكر البرص .وكان جذيمة ملك ما على شاطئ الفرات ، وكانت الزباء ملكة الجزيرة وكانت من أهل باجرمي ، وتتكلم بالعربية وكان جذيمة قد وترها بقتل أبيها ، فلما استجمع أمرها ، وانتظم شمل ملكها ، أحبت أن تغزو جذيمة ، ثم رأت أن تكتب إليه أنها لم تجد ملك النساء ، إلا قبحًا في السماع ، وضعفًا في السلطان ، وأنها لم تجد لملكها موضعًا ، ولا لنفسها كفؤًا غيرك ، فأقبل إلي لأجمع ملكي إلى ملكك وأصل بلادي ببلادك ، وتقلد أمري مع أمرك ، تريد بذلك الغدر .فلما أتى كتابها جذيمة ، وقدم عليه رسلها استخفه ما دعته إليه ، ورغب فيما أطمعته فيه ، فجمع أهل الحجا والرأي من ثقاته ، وهو يومئذ ببقة من شاطئ الفرات ، فعرض عليهم ما دعته إليه ، وعرضت عليه فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها ، فيستولي على ملكها وكان فيهم قصير ، وكان أريبًا حازمًا عند جذيمة ، فخالفهم فيما أشاروا به ، وقال : الرأي أن تكتب إليها ، فإن كانت صادقة في قولها فلتقبل إليك وإلا فلا تمكنها من نفسك ، ولم تقع في حبالتها ، وقد وترتها وقتلت أباها ، فلم يوافق جذيمة .وسار جذيمة في وجوه أصحابه ، فأخذ على شاطئ الفرات من الجانب الغربي ، فلما نزل دعا قصيرًا فقال : ما الرأي يا قصير؟ فقال قصير : ببقة خلفت الرأي ، فذهبت مثلاً ، قال : وما ظنك بالزباء؟ قال القول رداف والحزم عثراته تخاف ، فذهبت مثلاً واستقبله رسل الزباء بالهدايا والألطاف ، فقال يا قصير كيف ترى؟ قال (خطب يسير في خطب كبير) ، فذهبت مثلاً ، وستلقاك الجيوش ، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة ، وإن أخذت جنبتيك وأحاطت بك من خلفك فالقوم غادرون بك ، فاركب العصا فإنه لا يشق غباره ، فذهبت مثلاً .وكانت العصا فرسًا لجذيمة لا تجارى ، وإني راكبها ومسايرك عليها ، فلقيته الخيول والكتائب ، فحالت بينه وبين العصا ، فركبها قصير ، ونظر إليه جذيمة ، على متن العصا موليًا ، فقال : ويل أمه حزمًا على متن العصا .فذهبت مثلاً ، وجرت به إلى غروب الشمس ، ثم نفقت وقد قطعت أرضًا بعيدة ، فبنى عليها برجًا يقال له برج العصا ، وقالت العرب : خير ما جاءت به العصا ، فذهبت مثلاً ، وسار جذيمة وقد أحاطت به الخيل حتى دخل على الزباء ، فلما رأته تكشفت فإذا هي مضفورة الأسب ، فقال: يا جذيمة أدأب عصفور ترى ؟ فذهبت مثلاً ، فقال جذيمة : بلغ لمدى وجف الثرى وأمر غدر أرى ، فذهبت مثلاً .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك