قد تُحيرنا بعض الوقائع الحياتية التي تقابلنا خاصة ما يتعلق منها بالبشر ، فنقف أمامها محاولين تفسير كل ما هو مغاير للمنطق والعلم والدراسة ، قد نصل للحقيقة وقد ننغمس في دروب التيه دون الحصول على إجابات شافية ، فإذا ما وجدنا إنسان لديه مهارات وقدرات في أمر ما ، نبدأ في فحصه جيدًا ومحاولة متابعته ، أما أن يكون الشخص نفسه لغزًا محيرًا ، وظروف وفاته وما لحق بها من توابع ، فلابد لنا من التفكر قليلاً فيما آلت إليه بعض الأمور ، مثل ما حدث مع بطلة قصتنا.جلوريا راميرز :
سيدة شابه في منتصف الثلاثينات من عمرها مصابة بالسرطان ، مثلها مثل أي مريض بالسرطان كانت واهنة وضعيفة ، وعلى الرغم من ذلك كانت تأخذ على عاتقها رعاية أطفالها الاثنين ، وإبان الاحتفال بعيد ميلاد طفلتها شعرت جلوريا فجأة بدوار عنيف وسقطت بين يدي طفليها في حالة إغماء.انتقلت جلوريا إلى المشفى حيث كانت حالتها الصحية سيئة للغاية ، وبمجرد وصولها انقلب المشفى رأسًا على عقب ، فجلوريا كانت تعاني من ضغط الدم المنخفض للغاية ، ونبضات قلبها تكاد تكون منعدمة ، بالإضافة إلى ضيق التنفس الذي جعلها تجيب الكاد على بعض أسئلة الأطباء ، والتف حولها عدد من الممرضات والأطباء ، وفي محاولة منهم لمساعدتها تم حقنها ببعض العقاقير المنشطة لعضلة القلب ، ولكنهم لاحظوا بأنها لا تستجيب بقوة لتلك المحاقن .فلم يعد أمامهم هنا سوى الصدمات الكهربائية للقلب مباشرة ، بالفعل أجروا عددًا من الصدمات ولكنهم عقب التنفيذ بدأ يسطع على جسد جلوريا مادة زيتية لامعة غطت جسدها بأكمله ، مع رائحة أشبه برائحة الثوم ، فسحبت منها إحدى الممرضات عينة من الدماء لمعرفة ما سر تلك المادة الزيتية ، ولكن عقب ذلك بدقائق معدودة ، بدأت الممرضة تشم رائحة مادة كيميائية تصدر من المحقن ، ولحظات قليلة ثم انهارت الممرضة مغشيًا عليها ، وتلتها ممرضة أخرى ، وبدأ طاقم التمريض يشعرون بأعراض غريبة ، كالقيئ والدوار الشديد ، وتساقطوا واحدًا تلو الآخر .فما كان من مدير المشفى سوى إعلان حالة الطوارئ بالمشفى ، وقد عانوا جميعهم من أعراض الغثيان وصعوبة في التنفس ، وبدأ عدد من الأطباء في ملاحظة تجمع عدد من الكرات في دماء جلوريا ، التي توفت عقب عدد آخر من الصدمات الكهربائية في محاولة لإنقاذ ضغطها الذي استمر في الهبوط إلى أن توقف القلب تمامًا ، وتوفت عن عمر يناهز الحادية والثلاثين من عمرها.كانت حالة جلوريا أشبه باللغز ، ففي خلال نص الساعة ما بين قدوم جلوريا إلى المشفى ووفاتها ، انقلب حال المشفى بأكلمه ، حيث تم إعلان حالة الطوارئ وتم إخراج المرضى إلى الحديقة الخارجية لحين نقلهم إلى مكان آخر لرعايتهم ، وحاول المسعفون إنقاذ زملائهم ممن كانوا بغرفة جلوريا حيث بدؤا في التشنج ، والركل بأقدامهم في حالة أشبه بالهيستيريا ولا أحد يعلم ما حل بهم ، ولكن المؤكد هو أنهم جميعًا قد جمعهم رابط واحد ، هو حالة جلوريا التي حاولوا إنقاذها.تم التواصل مع وزارة الصحة التي أرسلت مبعوثين من أجل استكشاف ما حل بطاقم عمل المشفى ، وبالاستبيان اكتشفوا أن كل الحالات عانت نفس الأعراض ، القيئ والدوار والغثيان ، وانخفاض ضغط الدم المفاجئ ، وضيق الصدر ، وما لفت انتباههم أن من تناولوا وجبة العشاء كانوا أقل عرضة لحدوث التشنجات مفارنة بمن لم يتناولوا شيئًا وكانت معدتهم شبه فارغة.تم تشريح جسد جلوريا الذي استمر لعدة أيام ، وتم التركيز على الصفراء بالكبد فهي مركز تخزين السموم بالجسم ، ولكنهم لم يجدوا شيئًا غريبًا مما جعلهم يشعرون بأن الأمر أعقد مما تخيلوا ، وعندما فشلت جهودهم تم استخراج تصريح الدفن وأقيمت مراسم تشييع الجثمان عقب شهرين من احتجاز الجثة بالمشفى ، مما أثار غضب عائلتها وأصدقائها وجيرانها أيضًا ، فلقد رفضوا ما تم التصريح به من خلال مؤتمر صحفي بأن جسد جلوريا قد أخرج بعض السموم التي تأذى بها العاملين ، وتلقيبها بالمرأة السامة ، وأن ما حدث من تسمم للعاملين جاء نتيجة هلوسة أو هيستريا جماعية.وأغلقت القضية والتحقيقات دون معرفة ما حل بالسيدة المريضة ، وما السبب فيما حدث من تسمم جماعي للعاملين وتفشيه بينهم بهذا الشكل القوي والمفاجئ أيضًا ، وظل لغز جلوريا راميرز أحد الألغاز العلمية التي لم تحل حتى الآن .