إن التاريخ المعماري زاخر بأعظم التصميمات في كل العصور ومختلف بلدان العالم ؛ حيث يُعتبر المعمار من أهم الأشياء التاريخية التي يستمر أثرها بكل الأزمنة ؛ ومن بين الإنشاءات القوية القديمة قصر غمدان .كان موقع قصر غمدان بمدينة صنعاء في اليمن ؛ ويُعد القصر من أقدم وأضخم القصور في العالم ؛ مما جعله أعجوبة في مجال الهندسة المعمارية ؛ تميز القصر بعدد الطوابق الكثيرة ؛ حيث بلغ عددهم عشرين طابقًا وكانت المسافة بين كل طابق والآخر نحو عشرة أذرع .تم استخدام المرمر والجرانيت والبوفير كمواد أساسية في بناء قصر غمدان ؛ تم إنشاء القصر من أجل إقامة الملك ومجلس الإدارة الحاكم للبلاد ؛ فكان الطابق الأعلى هو المقر الرئيسي لمجلس الملك ، وكان الملك سيف بن ذي يزن هو آخر الملوك الشهيرة الذي سكن بالقصر .ورد في كتب الرحلات أن قصر غمدان يُعتبر واحدًا من عجائب البلاد العربية ؛ كما ذكر بعض المؤرخين أن القصر هو من أوائل القصور التي شُيدت في العالم بضخامة هائلة ، وبما أن القصر قد انتهى فهناك بعض التأويلات التي تقول بأن القصر كان موجود في منشأة قصر السلاح ؛ وهناك البعض الآخر يقول أنه تم بناء جامع صنعاء الكبير على أنقاض القصر ؛ أما الشيء المؤكد هو أن أبواب الجامع الكبير هي نفسها أبواب القصر وتحتوي على كتابات بالخط الذي يُسند إلى العصر الذي بُني به القصر .اختلفت الروايات حول الشخص الذي قام ببناء قصر غمدان ؛ فهناك من يقول أن الملك السبئي إيلي شرح يحضب هو مؤسس القصر ؛ ولكن الأقاويل الراجحة بشأن بنائه تقول أن الذي شيدّه هو سام ابن نوح والذي سُميت مدينة صنعاء نسبة إلى اسمه ؛ بينما قال ابن كثير وابن هشام أن يعرب بن قحطان هو الذي بنى قصر غمدان ثم أكمله فيما بعد وائل بن حمير بن سبأ .تم هدم قصر غمدان بالرغم من ضخامته وتاريخه العريق ؛ واختلفت الروايات أيضًا حول سبب هدم ذلك القصر العريق ؛ فقالت الدراسات اليمنية الأكثر ترجيحًا أن هدمه تم على مراحل عديدة حيث قد أصابه حريقًا عظيمًا أثناء غزو الحبشة لليمن وذلك عام 525 للميلاد ؛ ثم تم هدم جزء آخر منه في فترة حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ وتم هدمه بشكل نهائي في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه .بعد الكثير من الروايات المختلفة ؛ قال المؤرخون الإسلاميون أن قصر غمدان تم هدمه بأوامر من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.من الأقوال الشهيرة التي انتقلت في الروايات عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال “لا يستقيم أمر العرب مازال فيهم غمدان” ؛ وقيل أن هذه المقولة هي التي جعلت عثمان بن عفان يأمر بهدم القصر .ذُكر قصر غمدان في أقدم النقوش ؛ حيث ذُكر في عهد ملك سبأ الذي كان يُدعى شعرم أوتر وذلك خلال عام 220 للميلاد ؛ وكان ذلك النقش يحتوي على قصرين وهما قصر غمدان بصنعاء وقصر سلحين بمأرب ؛ كما ذُكر على نقش آخر في عهد ملك سبأ إيلي شرح يحضب وكان ذلك بمنتصف القرن الثالث الميلادي ؛ كما ورد بدائرة المعارف ببريطانيا أن قصر غمدان تم ذكره ببعض النقوش القديمة التي كانت موجودة بالأحجار المتكسرة وذلك كان خلال القرن الأول الميلادي .قصر غمدان كان أسطورة معمارية ضخمة وعظيمة ؛ ولكنه انتهي بسبب هدمه الذي لم يتم تحديد السبب الحقيقي وراء ذلك الهدم حتى الآن ؛ ومع ذلك بقى اسمه عالقًا بذاكرة التاريخ الذي وصفه بالعراقة والجمال والضخامة ؛ ليتردد اسمه على مر العصور برغم من انتهاءه في الواقع .