تعد الهيستيريا مرضًا نفسيًا ، يتميز بتدفق للكثير من العواطف والمشاعر والانفعالات ، التي قد تتباين في حدتها وانعكاساتها ، النفسية والجسدية على حد سواء .قد تجد مثلاً أن بعض الأشخاص ، قد يصابون بالعمى أو الصمم أو الخرس ، وأحيانًا قد يصل إلى ضعف القدرة على الحركة أو الشلل التام ، جراء الإصابة بالهستيريا ، ودون سبب ظاهري واضح ، فتثبت التحليلات الطبية أن الشخص سليم ومعافى تمامًا ، ولكن الأمر غير جسدي وإنما نفسي ويعرف باسم الهستريا .ومن أكثر أنواع الهستريا تفشيًا بين الناس ، هي ما يعرف بهستريا الخوف ، فهي تنتشر كالوباء فيما بينهم إذا ما أصابتهم ، ولعل ما حدث لسكان مدينة هاليفاكس هو خير دليل على أعراض الهستريا الجماعية بالخوف .كان هناك أحد السفاحين الطلقاء في مدينة هاليفاكس بانجلترا ، وكانت تلك الأحداث قد وقعت في فترة الثلاثينات من القرن المنصرم ، وتحديدًا عم 1938م والذي أدخل الرعب في نفوس الكثير من الأسر والمنازل .حيث قالت سيدتان أنهما قد تعرضتا ، لهجوم من أحد الأشخاص وكان يحمل في يده مطرقة من المطاط ، ومجرد أن ذاعت تلك الشكوى حتى توالت البلاغات إلى أقسام الشرطة ، ورجال التحقيقات بشأن هجمات مماثلة من قبل شخص غامض ، يحمل في يده موس حلاقة أو سكينًا ، أو سلاح مختلف .مع انتشار أخبار هذا المهاجم في كافة أنحاء المدينة ، أصابت حالة من الرعب الهستيري السكان المحليون بالمدينة ، وتوقفت الحياة تمامًا في هاليفاكس ، وبات الناس يعملون على تنظيم أنفسهم في مجموعات للحماية ، من ضربات هذا المهاجم المعتدي ، خاصة مع فشل الشرطة في العثور على أي طرف خيط ، يقود لهذا المجرم مما دفعهم ، للاستعانة بدائنة سكوتلاند يارد للعثور على هذا المجرم .ظل ضباط ومحققو سكوتلاند يارد يجوبون هاليفاكس ، ثم بدؤا بالتحقيق مع كل من تعرض للاعتداء ، إلى أن صارحهم أحد الأشخاص بأنه لم يتعرض فعليًا لأي اعتداء ، وإنما اختلق الأمر مع التيار السائد ، من أجل جذب الانتباه فقط !لم تلبث الاعترافات أن انهالت على ضباط سكوتلاند يارد ، ليتبين لهم بعد ذلك أنه لم هناك هناك اعتداء أو مجرم حقيقي ، وأن الأمر لايعد كونه مجموعة من القصص المختلقة ، وأن الأمر كله ليس سوى حالة من الهستريا الجماعية فقط لاغير ، وهنا وبدلاً من إلقاء القبض على هذا المهاجم المزعوم ، قبض رجال سكوتلاند يارد على خمسة ممن ادعوا بأنهم قد تعرضوا لاعتداء ، وزجوا بهم في السجن جميعًا ، متهمين إياهم بتعكير الصفو العام .تشابه هذا الحادث مع حادث آخر كان قد وقع عام 1788م ، في لندن عندما ادعى البعض بأن هناك مهاجم ما ، يحمل شكينًا مربوطًا حول ساقه ، ويستخدمها من أجل طعن النساء بغتة ، في أردافهن ، وقد شهدت أكثر من خمسين امرأة بأنهن قد تعرضن للاعتداء من قبل هذا المهاجم ، وكن جميعًا ثريات وجميلات .تسببت تلك الادعاءات بموجة من العرب ، جعلت النساء تخشى من السير في شوارع لندن ، وأصبح اقتراب أي رجل من أية امرأة في شوارع لندن ، مدعاة للعرب في نفسها ، بل وصل الأمر إلى فقدان بعض النساء لوعيهن من شدة الرعب أيضًا في بعض المواقف المشابهة .ساهمت الصحف في هذا الوقت ، على انتشار القصة عقب إطلاق اسم وحش لندن عليه ، وعقب التحقيقات تبين لرجال الشرطة أن القصة كلها كانت مختلقة من بعض الضحايا ، اللاتي اعترفن بأنهن قمن بتمزيق ملابسهن وجرح أنفسهم ، لإثبات أنهن قد تعرضن لهذا الاعتداء ، والسبب في ذلك أن الصحف قد أقرت بأن السفاح لا يهاجم سوى الجميلات ، وكلهن أردن أن يتم تصنيفهن في تلك الخانة .