كان الفتى فيليب سوارتلي في غرفة نوم بمنزل صديقه عندما واجه بعض المشاكل ، فقد كان الفتى الذي يدرس بالصف الثامن يتجول بالحي بحثًا عن السيارات التي يمكن فتحها ، حتى يتمكن من الحصول على بعض المال ولكن تم ضبطه من قبل رجال الشرطة بمنزل صديقه ، وتوقعت عائلته أن يحاسب الطفل البالغ من العمر 14 عامًا جزاءً لما فعله بأداء خدمة مجتمعية فقط .حيث أن الأموال التي سرقها كانت فقط لا تزيد عن سعر رقائق البطاطس والصودا التي يرغب المراهقون في شرائها ، ولم يتوقع أحد أن يظهر الصبي مكبل اليدين في قاعة المحكمة ، قبل أن يُحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر في مدرسة داخلية بعيدًا عن أسرته .الجزاء لا يناسب دائمًا الجريمة :
كان القاضي الذي حكم على سوارتي وهو مارك تشيافاريلا ، قد أعلن أنه سيعاقب “الأشخاص الذين يخالفون القانون” عندما كان يقوم بحملة في مقاطعة لوزيرن بولاية بنسلفانيا ، قبل أن يتم انتخابه في عام 1996م ، وبصفة عامة هذا كان يعطي شعورًا مطمئنًا من أحد أعضاء السلطة القضائية .ولكن لم يكن الأمر يحتاج إلى شهادة في القانون ، لإدراك أن القاضي كان شديد الحماسة والشدة عندما يتعلق الأمر بمعاقبة القُصر، فقد تعرضت مراهقة أخرى تسمى هيلاري ترانزي ، لمضايقات قُدمت ضدها عندما نشرت نكتة عن نائب مدير مدرستها سيفاريلا على موقع ماي سبيس .اعتقدت ترانس ووالدتها أيضًا أنها ستحصل على خدمة مجتمعية ، وبدلاً من ذلك تم شحن الطفلة البالغة من العمر 15 عاماً إلى أحد سجون الأحداث ، بعد محاكمة لم تستمر إلا لمدة دقيقة واحدة ، شعرت والدة ترانس بالذعر عندما سمعت الحكم ، ولم تكن قد أدركت حتى أن إحدى الأوراق لكثيرة التي وقعت عليها ، كان فيها ورقة تفيد بأنها قد تخلت عن حق ابنتها في الحصول على محامٍ.ولم يحذرها مدير سيافاريلا من العواقب المحتملة لعدم تمثيل محام ، فاتصلت لورين ترانس على الفور بمجموعة من المدافعين عن حقوق الأحداث في فيلادلفيا ، التي تقدمت بطلب لإطلاق سراح ابنتها هيلاري ، وفي غضون بضعة أسابيع تم إطلاق سراحها ، وكانت ترانس حينها محظوظة لأنها أنقذت من معسكر الاعتقال بسرعة نسبية ، فمعظم المراهقين الآخرين الذين صدرت بحقهم أحكام من قبل ذلك القاضي لم يحالفهم الحظ مثلها .فقد كانت هي وسوارتلي اثنين من أكثر من 5000 طفل ، ظهروا أمام مدرسة سيفاريلا ، وقد تم توريط الفتى في فضيحة “أطفال من أجل المال” في مقاطعة لوزيرن ، حيث اتهم القاضي مايكل كوناهان بتهمة “خلق زيادة عدد المجرمين الأحداث في مراكز احتجاز الأحداث” ، وقد دفعت مراكز الأحداث بدورها إلى القاضيين أكثر من مليوني دولار ، في مقابل تدفق مستمر من المجرمين الشباب .كيف بدأت قضية أطفال من أجل المال :
بدأت الفضيحة في عام 2002 م بعد أن أغلق كوناهان مركز احتجاز الأحداث الذي تديره الدولة ، وتحول بدلاً من ذلك إلى مرفق للاحتجاز الخاص ، فقد كانت بعض الدول تستخدم أحيانًا مرافق خاصة للاحتجاز ، لأنها قد تكلف أقل من المرافق التي تديرها الحكومة ، وقد كانت تلك المرافق معفاة من عمليات التفتيش والتدقيق التي تخضع لها مرافق الدولة ، مما سمح لخطة بنسلفانيا بالاستمرار لفترة طويلة أكثر .كان بالسجون الخاصة أكثر من 8٪ من مجموع نزلاء السجون في البلاد ، وهي في نهاية المطاف مجرد شركات تحاول تحقيق ربح وبطبيعة الحال ، يحتاج أصحاب السجون لنزلاء لكي يظلوا في العمل ، وهو ما كان يقوم كوناهان وتشيافاريلا بتوفيره .كانت حالات ترانس وسوارتلي نموذجية لمعظم حالات القاصرين ، الذين تم القبض عليهم بتهم صغيرة ، والذين كانوا سيتنازلون عن حقهم في الاستعانة بمحامٍ ، دون أن يكونوا على علم تام بالمخاطر وتلك المحاكمة التي ستعقد لهم ، كانت ستستغرق ففقط بضع دقائق فقط ، وبعدها سيتم إرسال المراهق بعيدًا إلى منشأة خاصة كانت تدفع رشاوى للقضاة .لم يُكتشف ذلك حتى عام 2006 م ، عندما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالية التحقيق مع القضاة بعد تلقي معلومات عن كوناهان ، ولكنها كانت متأخرة جدًا بالنسبة للأحكام التي أصدرها على كثير من القاصرين ، وانتهى التحقيق الفيدرالي في قضية “أطفال من أجل المال” في نهاية المطاف باعتراف القاضيين بالذنب ، والابتزاز ، والتهرب من الضرائب .وتم إلغاء الأحكام التي حكماها علي القصر على حد سواء ، وحكم عليهما بالسجن لمدة 87 شهرًا كجزء من صفقة الاعتراف ، وبالرغم من أن المحكمة العليا في بنسلفانيا قد ألغت معظم الأحكام ، التي صدرت ضد الأطفال إلا أنها قد ألحقت الضرر بالفعل بالمراهقين ، فعندما خرج سوراتلي من السجن الذي تم إرساله إليه ، ذكرت والدته أنه أصبح “منسحبًا ومكتئبًا ” .وعانت ترانس أيضًا من الاكتئاب والقلق في سنوات دراستها الجامعية ، مشيرة إلى أنها كانت تختبئ في غرفة نومها وتظل نائمةً لأيام ، وكانت تقول إذا فاتني الصف لم يكن ذلك لأنني كنت أحتفل أو أتنزه ، ولكن كان ذلك لأنني كنت جالسة في غرفتي آكل حقيبة كاملة من الدوريتوس .وبالرغم من أن ترانس قد تغلبت في نهاية المطاف على اكتئابها ، واستعادت حياتها إلى مسارها الطبيعي لم يكن الآخرون محظوظين مثلها ، فلم تتعافى كينزا كوسكي البالغة من العمر 17 عامًا من الوقت التى قضته في الحبس في سجن الأحداث التي أرسلت إليه ، ووفقاً لأمها في عام 2010 م أطلقت كينيزا كوسكي النار على صدرها لتنهي حياتها البائسة بيدها .وكانت تلك ذروة رهيبة من دوامة الهبوط التي بدأها القاضيان الفاسدان، وتم تصوير قصتها (إلى جانب ترانس وغيره) في الفيلم الوثائقي “أطفال من أجل المال” ، والذي حازعلى قدرًا كبيرًا من الاهتمام العام عند إصداره في عام 2013 م ليظل شاهدًا على الحقيقة ، وكفيلًا لعدم نسيان القصص المحزنة عن الضحايا الحقيقيين للفضيحة .