كان هناك صبيُ يعيش مع جدته العجوز في إحدى القرى ، وكانت لهما ماعز يبيعان حليبها ويعيشان بما يتحصل لهما من مال ، وكان أيضًا الصبي محبًا للصيد يذهب في الصباح للغابات المحيطة بالقرية ، فإذا اصطاد أرنبًا أو طائرًا أو غير ذلك عاد به إلى جدته فيقومان بشوائه وأكله ويكملان اليوم بسرو وهناء .وذات يوم ذهب الصبي إلى الغابة لكي يقوم بالصيد كعادته وكان الجو شديد البرودة لزمت فيه الطيور منازلها وأوكارها ، والأرانب جورها فأوغل الصبي داخل الغابة ولم يظفر بأي شيء وفكر في العودة إلى بيته ، ولكنه رأى أمامه كوخًا قديمًا فذهب إليه ووجد عنده شيخًا أشيب الشعر ثم حياه وقال له السلام عليك يا جدي ، فرد الشيخ التحية وعليك السلام يا بني .ثم دعا الشيخ الصبي لكي يجلس ويستريح من عناء السير ، ثم تحدث الاثنين في أمور حياتهما المختلفة ، وبعد ساعة قال الصبي هل تحفظ يا جدي شيئًا من الحكايات التي كان أهل القرية يحكونها في قديم الزمان ، فقال نعم يا بني أحفظها جميعًا ، فقال له الصبي وددت لو أسمع منك تلك الحكايات الجميلة .فقال نعم ولكن لي شرطًا أن تُرسل غدًا أثنين من أبناء القرية فيجلسان وأروي لهما تلك الحكايات وقال سأفعل يا جدي وظل الصبي يستمع إلى ما يقصه الصبي عليه من حكايات القرية الجميلة حتى أوشكت الشمس على الغروب ، فأستأذن الصبي الشيخ بالانصراف وهم منصرفًا إلى بيته ، وتناول الصبي ما أعدته له جدته من طعام وخرج من البيت ، ثم تجول قليلًا في القرية ثم رجع إلى البيت ونام مسرورًا .وفي صباح اليوم التالي حضر إلى كوخ الشيخ اثنين من أبناء القرية ، فرحب بهما وأبلغهما الشرط فوافقا ، واستمعا إلى حكاياته الجميلة ، وفي اليوم الثالث استمع إلى الشيخ أربع وفي الرابع ثمانية وفي الخامس ستة عشر وفي السادس حضر عند الشيخ سائر أبناء القرية وفي اليوم السابع توفي الشيخ فدفنه أهل القرية ، قالوا مات الشيخ ولكن قصصه الجميلة لم تمت وسنرويها لأبنائنا وسيرويها أبنائهم لكي يظل تاريخ قريتنا حيًا إلى الأبد .